لن ينصلح حال البطولات المحلية طالما ظل وضع الحكام والتحكيم محلك سر، تطورت الكرة السعودية كثيراً في أنظمتها وساهم السماح بمشاركة اللاعب الأجنبي للمرة الأولى نهاية السبعينيات الميلادية في إحداث نقلة تاريخية من النواحية الفنية والمتابعة الجماهيرية، وصنع احتراف اللاعبين المحليين تغيرا إيجابيا في حياتهم الشخصية وتعاملهم مع الكرة، وأدت موجة دخول شركات الاتصالات في الاستثمار الرياضي إلى تعزيز خزائن الأندية الكبيرة، ومساعدتها في الوفاء بالتزاماتها، وجاءت مواكبة دوري المحترفين السعودي لمطالب الاتحاد الآسيوي في السنوات الأخيرة لفرض حضور أربعة أندية وطنية في دوري أبطال آسيا. كثيرة هي الأمور التي تطورت، وإن كنا نأمل الأفضل من بعض اللجان العاملة في اتحاد كرة القدم كالمسابقات والانضباط؛ إلا أن التحكيم والحكام يظلان الشغل الشاغل، يتغير مسيرو هذه اللجنة، وتستمر الكوارث التحكيمية التي تحرم المستحقين حقوقهم، وتعطي نقاطا لمن لا يستحق، وبدلا من أن ننجح في العمل على تهدئة المتعصبين في الرياضة يبني هؤلاء الحكام بأخطائهم، وقبلها سوء اختيارات من يقودهم أجيالا جديدة من المشحونين الشاعرين بظلم أنديتهم. في مباراة النصر والتعاون أخطأت لجنة الحكام باختيارها من يقود المواجهة القوية بالنظر لأحداث لقائهما في الدور الأول، والأخطاء الجسيمة التي وقع فيها الحكم عباس إبراهيم، ولم يكن فهد العريني، الحكم المناسب وهو الذي لم يوفق في مواجهة الاتحاد والفيصلي، وبدا فيها مفتقدا للهدوء أهم أساسيات الحكم ، وكانت انفعالاته وتعامله مع الأحداث كفيلة بعدم إحراجه في مباريات مشحونة، وإذا اتفقنا على أن العريني أخطأ التقدير في احتساب ركلة جزاء مشبوهة وفي وقت قاتل للتعاون؛ فإن تطنيش طرد المهاجم المقدوني منصور كورتيسي وهو الذي حصل على بطاقة صفراء في الدقيقة الأولى، وعدم احتساب الخطأ الذي ارتُكب ضد لاعب النصر الزيلعي وعادل بسببه التعاونيون النتيجة خطأ لا يغتفر، ووضع الحكم في حرج كبير بعد صافرات استفزازية وأخطاء تقديرية متوالية؛ غير المؤثر منها كان ضد التعاون وكثيرها المؤثر ظلمت النصر وغيَّرت مجرى المباراة وحرمته نقطتين يفترض أن تكونا في رصيده تكرارا لموقعة بريدة التي لا تنسى. فهد العريني حكم شخصيته قوية ومن الممكن أن يحقق نجاحات لو خاض تجارب وخبرات كافية في مباريات متدرجة بالدوري، هو من حكام المنطقة الشرقية الذين تراهن عليهم اللجنة الحالية مع الحكم سامي النمري وغيرهما من الجيل الجديد؛ والمشكلة تكمن في ضعف التجربة التي استمرت معه أكثر من عشر سنوات في الدرجات الأولى والثانية والثالثة، ولم تمنحه اللجان السابقة الفرصة لقيادة مباريات متدرجة في الممتاز_ قاد مباراة واحدة في دوي زين ومباراة الاهلي وهجر في كأس ولي العهد الموسم الماضي _ ، سيمنح الشارة الدولية بداية العام الجديد وعلى اللجنة أن تعينه على تجاوز عائق التجربة، وتعيد حساباتها في اختيار المواجهات المسندة إليه، وتسخِّر وقتا كافيا لدراسة أخطائه وزملائه للاستفادة منها مستقبلا، حتى نخرِّج حكاما منصفين، ولا نظلم أندية تنفق الملايين وتخرج خاسرة بصافرة ظلَّت الطريق.