لكل نظام علاجي اساس ولكل اسلوب وقائي عماد وأساس وعلاج مرض السكري وعماد الوقاية منه يرتكز على تغيير نمط الحياة .ذلك التغيير الذي ينصح به الاطباء لمريض السكري لتجنب المضاعفات ، وكذلك يعطى لمن لديه قابلية للإصابة بمرض السكري لتفادي الوقوع فيه ، وهو التغيير الذي يصعب على الكثير منا الالتزام بتعاليمه والتقيد بسبله. وان التغيير في نمط الحياة يعتمد على امرين، الأول تغيير الأسلوب الحركي وما يتبعه من نشاط بدني والثاني تغيير الأسلوب الغذائي وما يتبعه من عادات غذائية خاطئة أو ممارسات مغلوطة. أولا: الأسلوب الحركي: يحتاج الإنسان بصفة عامة ومريض السكري بصفة خاصة الى الحفاظ على وزنه في الحدود الطبيعية فكلما زاد وزن جسم الإنسان كلما زادت احتمالية إصابته بمرض السكري نتيجه ضعف مستقبلات الإنسولين وزيادة مقاومة الجسم لهرمون الإنسولين.إن وزن جسم الإنسان يزيد إذا كان مقدار السعرات الحرارية الواردة للجسم أكثر من مقدار السعرات الحرارية المحترقة وحيث ان الكثير منا يجد صعوبة في التحكم في مقدار السعرات الحرارية الواردة أوالداخلة للجسم عن طريق تناول الأطعمة المختلفة فيجب علينا على الأقل أن نحاول أن نزيد من حرق هذه السعرات وذلك عن طريق ممارسة التمرين الرياضي أو على الأقل أن نلجأ لجوءاً كاملاً إلى مايعرف بالحياة المرهفة التي لا حركة فيها .وإليك بعض الأمثلة التي تساعد على زيادة حركة الجسم دون جهد أو تعب: الحفاظ على صلاة الجماعة في المسجد والمشي لها، الحرص على ممارسة بعض الرياضات الخفيفة داخل المكتب في أوقات الفراغ، الاستغناء عن استخدام أجهزة التحكم عن بعد سواء للتلفاز او جهاز التكييف أو موقف السيارة وغيرها، اللجوء إلى استخدام الدرج في التنقل دون المصعد والعزم على إيقاف العربة في مكان بعيد نوعا ما عن مراكز التبضع والتسوق والذهاب اليها سيراً، المشاركة في أعمال المنزل وخاصة تلك التي يقوم بها الخادم أو السائق كغسل السيارة أو الفناء الخارجي للمنزل وغيرها. إن الممارسات المذكورة أعلاه لاشك انها بداية طيبة تؤدي إلى حرق بعض من السعرات الحرارية إلا أن ممارسة الرياضة الحقيقية أفضل تأثيراً وأقدر على الحفاظ على الوزن في حدوده المقبولة. إن معظم الجمعيات الطبية وخاصة الجمعية الأمريكية لأمراض الغدد الصماء والسكري تنصح بممارسة التمارين ثلاثين دقيقة يومياً وخاصة المشي السريع والذي يصاحبه زيادة في عدد ضربات القلب بما يزيد عن 10% من معدله الطبيعي وليس مجرد مشي عادي. لعل من الوسائل المساعدة على ممارسة التمرين الرياضي وجود الشخص المرافق الذي يكون بمثابة المشجع والمعين لك وايضا اختيار الوقت والمكان المناسبين حيث ان ممارسة التمرين الرياضي في الصباح الباكر أفضل من غيره من الأوقات وخاصة ان الهرمون الحركي أو المسؤول عن النشاط الحركي وهو هرمون الغدة الكضرية الكورتيزون يكون مرتفعاً في ذلك الوقت. إن التدرج في التمرين الرياضي أمر مهم أيضاً، فيجب على المرء القيام بمرحلة الإحماء وذلك بممارسة بعض حركات شد العضلات وبسطها مثل القيام بالتمرين نفسه، وان يكون التمرين لمدة قصيرة لاتتجاوز العشر دقائق ثم زيادتها تدريجيا بمعدل نصف ساعة يومياً، ومن المهم ايضاً اختيار نوع الرياضة التي تتلاءم مع رغباته وميوله. إن الرياضة التنافسية قد تلائم صغار السن أكثر مثل رياضة كرة القدم أو سباق الجري ونحوها، بينما الرياضة الهادئة غير تصادمية قد تلائم كبار السن مثل رياضة المشي والسباحة ونحوها. ثانياً: الأسلوب الغذائي: يعتبر الأسلوب الغذائي المرتكز الثاني لتغيير نمط الحياة اللازم لعلاج مرض السكري أو الوقاية منه حيث ان الغذاء هو المصدر الأهم للسعرات الحرارية الواردة أو الداخلة للجسم. يرتبط مرض السكري بزيادة الوزن وكلما زاد وزن الإنسان كلما زاد احتياجه للأنسولين أو الأدوية المخفضة للسكر. ويحتاج كل منا لتغيير اسلوبه في تناول الطعام. فقد يحتاج البعض منا الى قصر وجباته الغذائية الى وجبتين رئيسيتين وهما الإفطار والغداء دون العشاء . وقد يحتاج البعض الآخر الى عدم تأخير طعام العشاء إذا لم يستطع الاستغناء عنه كلياً. وقد يلزم البعض منا الى تجنب الوجبات الخفيفه أو الأكل بين الوجبات وقد يلزم البعض الآخر الحرص على عدم النوم او الاستلقاء بعد تناول وجبة الغداء وكل هذه عادات وسلوكيات خاطئة تؤدي الى زيادة الوزن وحرق قدر اقل من السعرات الحرارية. إن الشخص الذي لا يستطيع التخلي عن تناول الأطعمة أو الوجبات الغذائية أي انه ليس بمقدوره التحكم في الكم فإنه بحاجة الى التحكم في الكيف اي التحكم في نوع الطعام المتناول. إن تناول الفواكه والخضروات ذات السعرات الحرارية المنخفضة أفضل من تناول الأطعمة ذات السعرات الحرارية المرتفعة من اللحوم والدهون والاطعمة المقلية والمحفوظة وغيرها. يعتقد البعض خطأً ان الاستغناء عن تناول طعام الإفطار يخفض الوزن وهذا خطأ شائع حيث ان تجنب الإفطار يشعر الشخص بالجوع وبالتالي سيمضي يومه كله أكلاً وبالتالي سيزيد ذلك من وزنه ولا ينقصه ويعتقد البعض الآخر أن الاعتماد على المشروبات دون تناول الطعام هو أفضل لإنقاص الوزن وهذا ايضاً خطأ شائع حيث ان الشراب لا يشعر المرء بالشبع وبالتالي سيحثه على الاستمرار في تناول المشروبات ذات السعرات الحرارية ويؤدي الى زيادة الوزن، ويلجأ البعض الى انواع من الحميات الغريبة مثل حمية البروتينات او حمية الكربوهيدات او حمية الماء وجميعها حميات ليس لها مرجعية علمية يمكننا الاعتماد عليها. إن التغيير البسيط في نمط الحياة المتبع من اسلوب حركي بدني أو اسلوب غذائي سيؤدي الى نتائج مشجعة لوقاية الانسان من مرض السكري وغيره من الأمراض المزمنة المصاحبة ايضاً ويعتبر هذا التغيير أساسا لعلاج مرض السكري بالنسبة للمصابين به. * قسم أمراض الغدد الصماء والسكري