هذه المشكلة ليست وليدة هذا العام ولا العام الذي قبله، ولكنها تتكرر منذ سنوات، وتتمثل في تجمع العشرات من الهاربين من كفلاهم والمخالفين لنظام الإقامة بعد سنوات عاشوها في المملكة، عملوا خلالها في كثير من الأعمال المشروعة وربما غير المشروعة، جمعوا من خلالها كثيرا من المال وحولوه على بلدانهم، وعندما قرروا العودة تجمعوا تحت "كوبري" الملك فهد "الستين" ليحصلوا على الترحيل المجاني. المشكلة أصبحت مزعجة ومقززة؛ لأن هؤلاء العمالة جعلوا من ذلك "الكوبري" الواقع بين حارتي "الصحيفة" و"الكندرة" مكاناً يمارسون فيه أكلهم ونومهم وغسيلهم، وربما ما هو أكثر من ذلك، حيث تختلط فيه النساء بالرجال!!. عدوانية وضرب! ولم تكتف هذه العمالة بالسكن عند «الكوبري»، بل أصبحوا عدوانيين ولا يترددون في ضرب كل من يقف بجوار تجمعهم، أو ينظر إليهم أو يحتج على وجودهم من المارة أو السكان، حيث يبقى بعضهم في معظم ساعات النهار والليل «شبه عار» بسبب حرارة الطقس، ولن تسلم من رشق حجارتهم وصراخهم ومطاردتهم لك إذا رأوك تنظر إليهم أو تقف قريباً منهم، ومثل هذه التصرفات العدوانية جديدة وربما تطورت لما هو أدهى وأخطر. خادمات وسائقون الدورية الأمنية التي تمر بالمنطقة وتقف فيها، تكتفي بالمراقبة من بعيد وتتدخل عندما يتطلب الأمر تدخلها، خاصة إذا نشبت مشكلة بين أحد المارة وهؤلاء المخالفين، ولكنها لم تستطع حتى هذا اليوم إنهاء مشكلة وجود هذه العمالة التي تتجدد عاماً بعد عام، معظم هذه العمالة من الخادمات المنزلية والسائقين الهاربين من كفلائهم، وطالب البعض بتعاون الجوازات مع القنصليات في جدة، لإنهاء هذه المشكلة وعدم تكررها مرة أخرى. تحرك حكومي و«قنصلي» بطيء لاحتواء المشكلة والحد من تأثيراتها السلبية كفلاء جدد وأبدى الأستاذ «سعيد العمري» أحد المهتمين بالشأن الاجتماعي استغرابه من بقاء هذه المشكلة حتى اليوم، رغم مرور سنوات على وجودها، وعدم وضع حل جذري لها، مطالباً أن يعطى المواطنين فرصة للتعاقد مع بعض هؤلاء العمالة، ممن يرغبون العمل خادمات منزلية وفق أجر وواجبات محددة بين الطرفين، وبإشراف الجوازات وقنصلية بلد العمالة، مشدداً على أن يكون ذلك وفق إجراءات قانونية تكفل لكل طرف ماله وما عليه، بعد التأكد من عدم وجود أي مشاكل جنائية أو مخالفات على هذه العمالة. الرائد الحسين: يبحثون عن الترحيل المجاني! تعليمات خاصة ويقول الرائد «محمد الحسين» المتحدث الرسمي لجوازات منطقة مكةالمكرمة: إن مديرية الجوازات لديها تعليمات خاصة بمراقبة جميع الوافدين والتأكد من نظامية وجودهم في البلد، والقضاء على كل مشاكل التي تنجم عن مخالفي نظام الإقامة، سواء الهاربين من كفلائهم أو من الذين يتخلفون من الحج والعمرة، كما أن الجوازات تقوم بحملات مستمرة سواء منفردة أو مع الجهات المعنية الأخرى للقضاء على جميع المخالفين والمتخلفين، ومن ضمنهم الذين يتواجدون تحت كوبري الستين، مضيفاً أن لدى الجوازات خطة متكاملة للحد من وجود المخالفين لنظام الإقامة في جميع المواسم خاصة بعد موسمي العمرة والحج، مبيناً أن هناك آلية ستطبق قريباً ستعالج وجود هذه المشكلة المتمثلة في هؤلاء المخالفين، حيث أصبح المكان معروفاً عندهم، بحثاً عن الترحيل المجاني، وما يقومون به من استفزاز للمارة هو من باب لفت نظر الجهات المعنية لترحيلهم. مذكرات تفاهم ويوضح «د. إيهاب السليماني» مدير مؤسسة السليماني للخدمات الاجتماعية، أن بقاء هذه المشكلة من دون حل رغم مرور سنوات عليها موضوع يدعو للحيرة والتساؤل، بل إن وجودهم يتحمله الجهاز الأمني، فالمفروض أن لا يسمح لهؤلاء بالتجمع بهذه الأعداد وبهذه الصورة، مبيناً أنه لابد من وضع قوانين ومذكرات التفاهم مع سفارات بلاد هؤلاء المخالفين، بعدم السماح لرعاياها بتكرار هذه الأفعال، لافتاً إلى أنه على سفارات وقنصليات هذه البلدان أن تضع حداً لمشكلة هروب رعاياها من كفلائهم، وأن تنبه على رعاياها بأن يعودوا لسفارتهم أو قنصلية بلدهم، عند حدوث أي مشكلة مع كفلائهم، لوضع الحلول لها بما يضمن حقوق جميع الأطراف الكفيل والمكفول. د. السليماني: وضع أمني وإنساني غير مقبول عدم وجود النظام ويؤكد «د. السليماني» أن (98%) من العمالة المنزلية الموجودة عند الكوبري تنتمي إلى إحدى دول شرق آسيا، الأمر الذي يتطلب البحث في أسباب ذلك، معتقداً أنه يعود إلى عدم وجود نظام يكفل حقوق المواطن من أخطاء هذه العمالة، وضرورة أن نرفع نظام الوصاية عليها عن كاهل المواطن، وأن يكون هناك تحديد واضح لساعات عمل الخادمات في المنازل، مع تحديد مهامها بوضوح، فلا تكون خادمة ومربية معاً، إلى جانب أن يكون لها يوم إجازة في كل أسبوع، وهي أمور يجب أن تأتي من عندنا بدل أن تفرض علينا، لأن هؤلاء الخدمات لهن الحق في أن يأخذن الحقوق التي لهن مثلما نطالبهن بما عليهن من واجبات، مشيراً إلى أن وجودهم تحت كوبري الستين، يعد مشكلة غير مقبولة ولا يمكن السكوت على استمرارها؛ لأن وجودهم يخلق مشاكل أكبر، مثل الدعارة والجريمة وترويج المخدرات، وغيرها من المشاكل التي يخلقها اختلاط عمالة من جنسيات مختلفة. «جلسة تخلف» على الرصيف.. و»الرقيب» يتفرج مجموعة من الهاربين والهاربات .. وهنا متخلفون في سبات عميق د. إيهاب السليماني