مهاجمة «فيروس» لدوائر الكمبيوتر في إيران لم يشكّل سابقة؛ فهناك حروب الجواسيس واستخدام مختلف الوسائل بدءاً من تدريب الأشخاص والحيوانات وأجهزة التنصت، إلى الأقمار الصناعية وعوالم الفضاء، وقد ظل الرعب من «الجستابو» في المخابرات النازية ، والرعب من ال«كي. جي. بي» السوفياتية يحملان نفس الرعب مع مُقابلهما ال«سي.آي.ايه»، وكذلك مراكز الاستخبارات الأوروبية وغيرها.. حالياً أصبح اختراق المعلومات يتم بوسائل التقنيات العالية، ولم تعد هناك دولة عظمى أو صغرى بمنأى عن كسر حواجزها والوصول إلى أسرارها إذا كانت العقول الفذة هي ميدان الاستقطاب لغايات التطور في عالم مفتوح وتوظيفها في دوائر البحوث والاكتشافات، ونحن في المنطقة العربية لم نعد نجاري إسرائيل في معارفها المتطورة، فعن طريق برنامج معقد، وبرمجيات متطورة تم زرع خطوط هواتف سرية في مراكز الاتصالات الهاتفية الجوالة في لبنان، وفي سابقة أخرى قتلت المهندس الفلسطيني يحيى عياش العقل الأهم في تصنيع وزرع المتفجرات لحماس، بواسطة متفجرة داخل هاتف جوال.. هناك عقول عربية مشتتة لديها القابلية لأنْ تكون نواة لبناء منظومات تقنية تأخذ بمعايير الصد والاختراق للمواقع الغازية، لكن المؤسف أن أي عمل عربي يكون جماعياً، ويستهدف بناءً مشتركاً، فهو معطل لأسباب سياسية، ولذلك توقفت مشاريع اقتصادية وعلمية وإعلامية، وحتى التنسيق الأمني بات عملاً انفرادياً، بينما إسرائيل التي تواجهنا كل لحظة باختراقاتها المختلفة، استطاعت أن تحصل على عقول اليهود في العالم، وكسبت من انحلال الاتحاد السوفياتي مئات الآلاف من التقنيين وأصحاب البحوث في كل المجالات، بينما العقل العربي المهاجر، لا يحصل على ذات المعاملة والتشجيع رغم الولاء للوطن، لأن القاعدة العامة في سلوكنا وتفكيرنا، وتطلعاتنا في كسب المعرفة وتوطينها، ظلت هامشية إن لم تكن مهملة.. لقد أصبحنا فضاءً مفتوحاً في تقطيع أوطاننا ونهب خيراتنا وهجرة عقولنا؛ لأن بؤس الأنظمة وتسلطها، واهتمامها بشؤونها الخاصة فرضت علينا العزلة والتخلف عندما أُهمل الشعب تحت راية الحماية الذاتية، بينما كل من يملكون التقنيات الحديثة يهاجموننا بوسائل لا نستطيع الوصول إليها بما في ذلك مواقعنا الأمنية التي باتت مكشوفة لإسرائيل وغيرها مع أن لدينا الثروات القومية والبشرية، ومئات الجامعات، لكننا عندما نقارن ما يُصرف على البحث العلمي في سنغافورة أو إسرائيل، أو أي بلد يسعى لتطوير أدواته نجد الوطن العربي في القاع، وهي أزمة أنظمة لا أزمة أموال أو إنسان..