في الولاياتالمتحدةالأمريكية بدأت من أيام قليلة أكبر عملية اكتتاب بشركة جنرال موتورز، حيث ستجمع الشركة من هذا الاكتتاب ما يقارب 20.1 مليار دولار، وقد ترتفع إلى 23.1 مليارا في حال كان الطلب أكبر، هذا الاكتتاب سيضرب الرقم القياسي الذي كان حققه طرح شركة "فيزا" بما يقارب 19.7 مليار دولار، وكانت الشركة قد حققت خسائر بين عامي 2005 و2008 بما يقارب 86 مليار دولار، وهي دخلت قبل سنتين الحماية من الدائنين والإفلاس، وتدخلت الحكومة الأمريكية وضخت الأموال في شرايين الشركة، والآن تحقق شيئا من التعافي وتحاول الحكومة الأمريكية استرداد ما دفعت ولا يعني ضمان أن ربحت فالسباق في القطاع مفتوح وعلى أشده. ما يهمني هنا ليس جنرال موتورز ولا إفلاسها وتعافيها النسبي حتى الآن، ولكن اللافت هو قيمة الاكتتاب أي 23 مليار دولار وتوقعات أن تكون التغطية ستصل إلى 60 مليار دولار، فماذا يعني ذلك؟ خاصة أن السوق رحبت بهذا الاكتتاب ولم يقل أحد انها ستؤدي إلى "امتصاص" سيولة أو سينهار السوق الأمريكي، بمعطيات اليوم، السوق الأمريكي تجاوز 11 ألف نقطة في الداو، وهذا مشجع، ودولار منخفض يشجع على التصدير والتحسن الاقتصادي مع الوقت، ولكن مازال الخلل كبيرا وآخرها طبع "600 مليار دولار" فمطابع الدولار لم تتوقف، والسندات انخفض العائد عليها والتضخم يزيد وهذا أيضا موضوع آخر لا نتعمق فيه يحتاج تفصيلا هائلا. إذا السيولة موجودة سواء هناك في الغرب الأمريكي ولكن يبحث عن "مخرج" لاستثمار آمن حتى وإن كان قصير الأجل. حين أربط بما لدينا بالمملكة من سيولة فهي ضخمة جدا وكما أعلن رسميا تصل السيولة بالبنوك السعودية إلى تريليون ريال (المليار ألف مرة) ويزيد لا يتراجع، ماذا يعني ذلك؟ والدولة تملك أرصدة تفوق 2 تريليون ريال؟ ماذا يعني ذلك؟ وحين نربط أيضا مع سوق الأسهم السعودي الذي هو أحد قنوات الاستثمار، أن لا سيولة ضخمة، ويشتكي كثير من المضاربين "الانتهازيين" لماذا السوق ضعيفة ولا يضخ بها سيولة كافية من المستثمرين أو التمويل من البنوك كما في السابق حتى أن بنوكا كانت رائدة في التداول اختفت من الصدارة، القصة كلها تتمحور حول البحث عن الاستثمار الآمن لا المضاربة غير الآمنة، شركات كثيرة مضاربة بالسوق لدينا "ماليا" لا تستحق أكثر من 5 ريالات أو7 ريالات وتتداول الآن بأضعاف هذه الأسعار لماذا؟ لأنه لا يوجد فرص وخيارات جديدة، ولدينا متداولون يريدون رفع الأسعار لمجرد تحقيق الأرباح من المضاربات لا قيم مقبولة ومتوازنة مع السوق، السوق بحاجة إلى شركات جديدة ولكن بدون علاوات إصدار، لكي تجتذب هذه السيولة الضخمة لدينا والمبتعدة بنفس الوقت، ودخول شركات إضافية جديدة سيبعد ويطرد التوجه لشركات خاسرة لا قيمة لها من عقود من الزمن ولا يدعمها إلا مضاربين يتملكون معظم أسهمها، الحاجة ملحة جدا لشركات جديدة لحراك اقتصادي أكبر من خلال اكتتابات جديدة، رغم كل عواطف الرفض التي تتكرر لأنها تهتم كم أربح ومن بعدي الطوفان، وهذا ما عطل السوق وحجمه كثيرا بلا مبرر أو موضوعية.