هذه الجموع التي حطت رحالها في بلد الله ، مكةالمكرمة وهي تؤدي مناسك الحج ؛ تبحث عن كُلِّ ما يمكن أن يلتقط ليصلح موضوعا لكتابة ما ، أو لتحقيق ما. أعنى بالطبع من كان من الحجيج مهتما بالأدب والثقافة . وفي التراث العربي قلّما تجد أديبا حجّ إلى بيت الله المعظم ؛ ولم يكتب شعرا أو قطعة أدبية تصف مشاعره حين لقيا البيت الحرام . وهذا الأدب المكتوب نابع من القلب . ففيه خشية وتضرّع إلى الله جل وعلا ، وفيه عاطفة صادقة . وفيه فرح لقيا بيت الله بعد رحلة عمر طويلة .وشوق لا يُحد. وما وصلنا من هذا الإبداع الذي يرتبط بمناسبة زيارة الحرم المكي الشريف والحج ، وما إلى ذلك من أماكن ؛ هو إبداع كُتّب باللغة العربية. لكنّ إبداع الحجاج الأُخر الذين يكتبون بغير العربية ، وهم من المسلمين ؛ فلم يصلنا بالطبع. إنّه أدب جمٌ ، لكننا لا نعرفه بسبب عدم التواصل مع لغات الآخرين من المسلمين. وقد جرت العادة أن يُحتفى بضيوف الحج ، في كل عام . لكنّ وزارة الثقافة والإعلام لم تفكّر يوما في استغلال فريضة الحج من خلال التعرّف على طبقة المثقفين التي تزور مكةالمكرمة سنويا؛ وفي يقيني لو تواصلت معهم من خلال تسليم « بروشرات» يبين فيها الحجاج الكُتاب والمثقفون ، جنسياتهم ويُطلب منهم التواصل مع الوزارة فيما بعد بحيث يرسلون لهم ما سطّرته أياديهم ، وبما جادت به قرائحهم حول زيارتهم الأولى لهذا البلد الحرام. عندها سنحصل على حصيلة ضخمة من الإبداع بكافة لغات أهل الأرض . وتنشره الوزارة في كتاب مثلا . لقد عملتُ في الحج سنين عديدة ، وتعرّفت من خلالها على أدباء وشعراء وروائيين. وبقي التواصل بيننا فيما بعد . ولهذا أعتقد أنه آن الآوان للتواصل مع الحجاج والاستفادة منهم ليس فقط في المجال الثقافي ؛ ولكن في كل المجالات الممكنة والمسموحة .