لا يزال الأربعيني "مشعل الرويلي" يرفض أكل اللحوم، ويقشعر بدنه كلما رأى طبقاً يحمل قطعاً منها، والسبب الذي جعله يمقت اللحوم منذ الطفولة، هو ذلك المشهد الذي لا يزال في ذاكرته عندما ذبح والده الخروف الذي أحببه في أول أيام عيد الأضحى، الخروف الذي شهد "مشعل" ذبحه، كان والده قد أحضره قبل أسبوعين من العيد، وظل يداعبه مع أبناء عمومته ويقدم له الطعام والماء. هذه العلاقة التي نشأت بين الطفل "مشعل" وخروف العيد جعله كما يقول: عندما هم والدي بذبح الخروف وبدأ تدفق الدم منه بقوة، أصابني الهلع الشديد حتى أن والدي صرخ في وجهي وهو يردد: "خلك رجال"، ومنذ ذلك الحين امتنعت عن أكل كافة أنواع اللحوم، وكنت أنظر باستمرار لوالدي على أنه رجل قاسي القلب، كما صاحبني شعور بالخوف من مشهد الذبح الذي كان يراودني في أحلامي في تلك الفترة. الأثر النفسي الذي تركه الذبح لدى "مشعل"، لا تلقي "خولة محمد" له بالاً، إذ تجد في "رؤية الأطفال الأضحية عند الذبح ضرورة لتربية الأبناء على هذه السنة المحببة، وتعريفهم بأن ذلك بهدف إطعام المساكين والمحتاجين ونيل الأجر والثواب. إشراك الأطفال في عملية ذبح الأضحية أو مشاهدتها، لها تأثير سلبي في بعض الأوقات على الأطفال، في رأي اختصاصية علم النفس "د. خلود العيدان"، الذي تؤكد في الوقت ذاته وجود آثار إيجابية لها على الأطفال فوق سن العاشرة، كونهم يدركون المغزى من ذلك، مشيرةً إلى أن الآثار السلبية التي يتركها مشهد ذبح الأضحية، ستظهر من خلال ردود فعلهم التي تتمثل في مشاعر الخوف والفزع، والتي قد تتطور وتصل إلى عدم قدرة الطفل على رؤية الدماء طوال حياته. ولا تنصح "بشاير الروقي" -أم لأربعة أبناء- الأهالي بأن يشهد أطفالهم عملية الذبح، كونها تترك آثارها على نفوسهم مثل الكراهية للحوم وعدم تناولها، كما حدث مع ابنتها "فتون" وتقول: شهدت "فتون" ذبح الأضحية مع أمي وشقيقتي، وكانت مذهولة ومصدومة من عملية الذبح!.