تبحث الناقدة الدكتورة كوثر محمد القاضي في كتابها الجديد (شعرية السرد في القصة السعودية القصيرة) الصادر عن وزارة الثقافة والإعلام هذا العام التباين في المفهوم والنظرة والتطبيق بين ما نقله المغاربة مترجماً عن هذه الآداب (أصول السرديات) وبين ما وجدته في الأدب العربي بشكل عام والأدب العربي في السعودية خاصة. وبحكم السردية العربية الحديثة ناتجة من خضم التفاعلات بين الأنواع والأجناس الأدبية، لذلك فهي الثمرة التي وصلت إليها حركة النماذج التي قامت بين الرصد والسرد التقليدي ومؤثرات ثقافية عصفت بالأنواع الأدبية التقليدية كضعف الحدود الفاصلة بين الأجناس الأدبية وتداخل النصوص وغياب بعض الأنواع السردية القديمة كالحكاية الخرافية والسيرة الشعبية والمقامة. لذلك نجد القصة القصيرة من أفضل الأنواع التي يمكن أن تتداخل فيها الفنون وهي أقرب إلى القصيدة من الرواية بتكثيفها وتركيزها وبنيتها المتماسكة لذا أبرزت الشعرية بالمفهومين العربي والغربي. وانطلقت المؤلفة في دراستها لشعرية السرد في القصة السعودية من مكونات الشعر حيث ينظر القاصون للشعر بأنه نموذجهم الأعلى للعودة إلى التميز في القصة القصيرة في وقت ساد فيه ديوان العرب على المشهد الثقافي عربياً وسعودياً. الناقدة كوثر قاضي وقفت أمام جمهرة من المجموعات القصصية وتحديداً منذ عام (1400-1425ه) وذلك لاستخراج النماذج القصصية التي تتوافر فيها ظاهرة الشعرية ثم تصنيفها حسب فصول كتابها ثم قراءة هذه النماذج مرات أخرى لتحليلها مستثمرة المنهجين الأسلوبي والبنائي وعلم لسانيات الخطاب ولغة النص وقد انطوى الكتاب على تمهيد عن السرد والسرديات وتحديد المصطلح وسرديات القصة والسرد والشعر، أما الباب الأول فقد حمل عنوان الشعرية وعناصر القص تناولت فيه شعرية الحدث وشعرية الشخصيات وشعرية الزمن وشعرية المكان، في حين جاء الباب الثاني عن الشعرية والبناء القصصي السعودي في فترتها الذهبية (1400-1425ه) معتمدة على أكثر من (180) مرجعاً بين كتاب نقدي ومجموعة قصصية.