ثقافة التعامل بين الحكام واللاعبين من أهم أدوات نجاح الحكم في الملعب كما هو (القاضي) في المحكمة، ومن خلال (اللفظ) يسود الارتياح.. أو ترتفع حدة التوتر، كما أن (الابتسامة) مفتاح لنجاح الحكم أو القاضي في مهمته لإرساء العدل، وتقبل الأطراف الأخرى له. مادعاني لهذه المقدمة عبارة أطلقها لاعب القادسية (سلطان اليامي) على الهواء مباشرة بعد مباراة فريقه أمام الاتحاد في دوري زين السعودي للمحترفين، قائلا: إن الحكم عبدالرحمن العمري قال لي (انقلع عن وجهي)، وهذا – والكلام لليامي – أسلوب لايليق بالحكم الذي يفترض أن يكون أكثر هدوءا من اللاعبين. ورد الحكم في تصريح صحفي بأنه لم يقل هذة العبارة إنما كانت ألطف ب (ابتعد) عن وجهي حتى لايتأخر اللعب. وعاد اليامي في تصريح (مقسما) بالله أن الحكم قال (انقلع عن وجهي)، وأنه مستعد للحلف على كتاب الله الكريم أمام (القاضي)..!! وتساءل عبر (الشرق الأوسط) عن فائدته من تصريحه إذا كان الحكم لم يتفوه بهذه العبارة، منتظرا رد عمر المهنا رئيس لجنة الحكام بعد أن تواصل معه هاتفيا. ربما أن المهنا رد قبل نشر هذه المقالة، لكن مايعنيني لغة التخاطب وقوة العلاقة بين الحكم واللاعب وقدرة الحكم على فرض شخصيته بأسلوب محترم. أنا هنا (لا أدين) الحكم ولست مع اللاعب، لكنها ليست المرة الأولى التي نسمع هذه العبارة دون زيادة ولا نقصان، فقد سبق وتذمر منها لاعب في العام الماضي لا يحضرني اسمه. وهناك عبارات أخرى يعتقد بعض الحكام أنها تقوي شخصيته، بينما هي تضعفها بطريقة غير مباشرة، فالحكم الواثق من نفسه وقراراته يتعامل بحزم وبعبارات لطيفة تبرهن على (مسؤوليته) وتقديره لأهمية أن يكون أكثر سيطرة على أعصابه لمصلحة المباراة. هذه الثقافة ربما تغيب عن بعض القياديين في لجنة التحكيم، وهذا ليس طعنا فيهم، فالأهم أن تعمل اللجنة على استقطاب متخصصين في ثقافة التعامل وأساليب الإدارة الناجحة وبعض ذوي الاختصاص في علم النفس الرياضي لتثقيف الحكام. ولأننا بشكل عام – إلا من رحم ربي – نكابر أمام الاعتراف بالحق، وبالتالي من الصعب أن تجد من يعتذر عن خطئه، فإن الحكم ومثلما قلت في بداية الموضوع مثل القاضي، والقصص ( التعاملية) في جانب القضاة كثيرة ومستغربة..!! دون أن نبخس من يحرص على لغة التعامل التي هي جزء مهم من تحكيم العقل وفرض القانون وسيادة العدل. أتمنى من حكامنا الكرام ممن أخطأوا في لغة التعامل أن يبادروا بالاعتراف ولو في قرارة أنفسهم، ويعاهدوا أنفسهم على الابتسامة وحفظ كلمات ألطف وأقوى تعبيرا في تطبيق القانون بدلاً من توتير العلاقة مع اللاعبين. وفي المقابل، اللاعبون يتلفظون بما لايليق في لحظات عصيبة وبعضهم ثقافتهم لاتسعفهم على التعامل جيدا، ولذا من واجب الحكام تحمل بعض الشطحات ومواجهتها بما يفرضه القانون، واستثمار أي فرصة لتهذيب ألفاظهم، حتى لو من خلال ملاحظات ترفع للجنة التي بدورها توصلها لمسؤولي الأندية، خصوصا أن أغلب اللاعبين يجهلون بعض القوانين ولايحرصون على معرفة التعديلات بين فترة وأخرى، مثل شرائح أخرى..! وبالمناسبة اللجنة خاطبت قبل بداية الموسم الأندية كي ترتب زيارات ومحاضرات تثقيفية، لكن وللأسف لم يستجب أكثر من عشرة أندية من بين (40) ناديا من أندية الممتاز والأولى والثانية والنسبة الأكبر من الفئة الثالثة..!!!