لا يكاد تمر أي أزمة اقتصادية أو إشاعة تتعلق بأي منتج من منتجات مواد البناء، إلا وكان ذلك سبباً في ارتفاع أسعار إيجارات الشقق السكنية، وسط استغراب المستأجرين الذين أثقلتهم صدمات أسعار السلع الاستهلاكية في الأسواق، إضافةً إلى أسعار الخضروات المتصاعدة دون أي مبرر، مما دعا الأغلبية إلى المطالبة بوقف هذا الاستنزاف من قبل أصحاب العقارات والتجار، والذين يجرون وراء مضاعفة ثرواتهم حتى لو كانت على حساب مواطني الدخل المحدود، الذين لا يعرفون من الراتب إلا اسمه فقط. أسعار البناء تشهد أغلب مناطق المملكة ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار العقارات، وخصوصاً في الأماكن الحيوية، حيث تجاوز إيجار الشقة السكنية المكونة من غرفتين وصالة 21 ألف ريال، بعد أن كانت تؤجر سابقاً ب 16 ألف ريال، بينما تجاوزت الشقق المكونة من 4 غرف وصالة ال 35 ألف ريال، وهو ما جعل المستأجرين يتساءلون باستغراب عن الأسباب التي دعت أصحاب العقارات القديمة إلى رفع إيجارات الشقق التي يملكونها، رغم أنه لم يتم بناؤها في الفترات التي شهدت ارتفاع في أسعار مواد البناء الاخيرة. جشع وطمع في البداية يستغرب المواطن "أحمد السعيد" الأسباب الواهية التي ذكرها صاحب البناية التي يقطن بها، معللاً السبب بالأزمة المالية العالمية وارتفاع أسعار مواد البناء والحديد، متسائلاً: ما دخل الأزمة المالية في أسعار إيجارات العمارة التي نقطنها، والتي بنيت قبل موجة ارتفاع الأسعار بسنوات عدة؟، وهذا يعني أن رأس مالها قد تم استرداده، مما يؤكد أن رفع السعر ليس إلا مسألة جشع وطمع من مالكها، مضيفاً أنه تكبد مصاريف كثيرة أثناء قيامه بإعادة تجديد الشقة، من خلال صبغها بشكل كامل، إضافةً إلى وضع أرضيات من "السيراميك" الفاخر، ليتفاجأ بعدها برفع الإيجار من قبل المالك الذي بيت النية إلى ما بعد الانتهاء من الترميم والتجديد. منير: «الدور الثالث» لم يحد من المشكلة ..وشرط «المواقف » أثّر على مساحات البناء وأضاف لم يخبرني المالك عن نيته في رفع سعر الإيجار رغم مشاهدته لي وأنا أقوم بترميم الشقة وبتكلفة تجاوزت (25 ألف ريال)، توزعت على الأصباغ و"السيراميك" والإنارة، لتكون المفاجئة قوية بالنسبة لي، وكأنه هو من قام بتحديث وتجديد الشقة. معاناة أرملة على الرغم من إعالتها لأسرتها المكونة من ثلاثة أطفال بعد وفاة زوجها، تشكو المواطنة "أم عبد العال" من الجشع اللامنتهي من صاحب البناية التي تقطن فيها، والذي أخبرها بأنه مضطر لرفع الإيجار 2000 ريال، رغم عدم وجود أي تحديثات أو تعديلات في البناية، مما سبب لها الكثير من الضغط والمعاناة، مضيفةً أن الوضع لم ينته عند هذا الحد حيث تفاجأت بعد مرور أقل من ستة شهور بإخبارها بأن الإيجار سيرتفع مرة أخرى ليصل ل 22 ألف ريال، متسائلةً: من أين أتستطيع توفير هذا المبلغ؟، وخصوصاً وأن مرتبها الذي تتقاضاه من وظيفتها بالكاد يغطي مصاريف أسرتها والمواصلات المضطرة لاستخدامها، والتي لم تسلم أيضاً من ارتفاع تكلفتها. من يحمي المستأجر؟ طالب مستأجرون ضاقوا ذرعاً بحمى ارتفاع أسعار الشقق السكنية بضرورة إيجاد لجنة من الغرفة التجارية لتحديد أسعارها وفق ما يتكبده المالك، وعدم تركها ليتم تسعيرها بطريقة عشوائية يحكمها مزاج وجشع الملاك، والذين يتذرعون بأعذار غير منطقية لتبرير ارتفاع أسعار إيجاراتهم، خصوصاً وأن العقارات تعتبر أصولاً مالية يتم الاحتفاظ بها لمدة طويلة، تمكنهم من استعادة تكلفة بنائها ومن ثم بيعها في أي وقت يختاره المالك. شقة متهالكة وشكا "عبد المحسن المنصور" من تجاهل صاحب البناية التي يقطن بها لمطالبة المستأجرين بتوفير الكثير من الاحتياجات، كخزانات المياه الإضافية والمضخات، إضافةً للتمديدات الكهربائية الجيدة، مضيفاً أنه كان ينتظر زيارة مالك البناية لتوفير عامل لصيانة دورات المياه والسخانات، ليتفاجأ بقدوم المالك بهدف المطالبة بزيادة الإيجار بدل من إصلاح وصيانة الشقة، مشيراً إلى أنه على الرغم من كون الشقة صغيرة جداً ومتهالكة، إلا ان إيجارها "يقصم الظهر"، خصوصاً مع تدني مرتبي الشهري، كما أنني لا أستطيع حتى التفكير في البحث عن شقة أوسع لاستيعاب عائلتي المكونة من 3 أبناء وبنتين، ينامون جميعهم في غرفة واحدة وذلك في ظل الغلاء الفاحش للإيجارات في مدن المنطقة. تسويق خجول وذكر "محمد القحطاني" أن المنطقة بحاجة للوحدات السكنية المنظمة ك"الدوبلكسات" وشقق التمليك، والتي مازال تسويقها في المنطقة خجولاً، رغم أنها تضمن الاستقرار للأسر التي ستتملك في نهاية المطاف شقة حتى لو كانت صغيرة، حيث أن أغلب المستأجرين يدفعون إيجارات تتراوح من 20 إلى 30 ألف ريال سنوياً، بينما تكلفة شراء شقة "دبلكس" قد تكلف من 260 ألف إلى 350 ألف ريال. الخسارة في البورصات وقال "منير المرزوق" - صاحب أحد المكاتب العقارية في المنطقة الشرقية -: إن عزوف الكثير من ملاك العقارات عن العمل على إنشاء وحدات سكنية تنتهي بالتمليك، راجع إلى رغبتهم بالاستمرار في جني الأرباح على المدى الطويل، وعدم تفكيرهم بالمساهمة بتقديم بعض الخدمات للمجتمع، معللاً قيام بعض العقاريين برفع أسعار الشقق التي يملكونها لخسارتهم في البورصات المحلية والعالمية، ما جعلهم يحاولون تعويضها على حساب المستأجرين الذين لا يملكون غير مرتباتهم، مضيفاً: "لم يفلح التصريح ببناء الدور الثالث في الكثير من المناطق بالحد من ارتفاع أسعار الشقق، وذلك بسبب شرط توفر مواقف خاصة بالسيارات للمبنى، والتي منعت الكثير من إمكانية بناء الدور الثالث ليستفيد منها أبناؤهم أو تأجيرها والاستفادة من المدخول، خصوصاً أن المخططات السكنية لا تساعد على توفير هذه المواقف، والتي ستؤثر على مساحة البناء، مما سيسبب خسارة للمالك، مبيناً أنه لأجل ذلك لم يتحمس الكثير بطلب رخصة بناء دور ثالث، لأن ما سيتم إضافته في الدور الثالث سيتم خسارته في الدور الأرضي كمواقف للسيارات. مجموعات أجنبية وانتشرت في الآونة الأخيرة مجموعات أجنبية ساهمت في إدارة الكثير من العقارات في المنطقة، من خلال قيام بعض الملاك بتسليم عقاراتهم لمكاتب تدار من قبل الأجانب، مقابل أن يتحصل نهاية كل عام على مبلغ مالي، ودون علمه بالطريقة التي تدار بها عقاراته، والتي لا تخلو من وجود الكثير من المخالفات في الصيانة والاقامة أيضاً، هذا ما جعل الكثير يطالب بربط البنايات السكنية مع أجهزة أمن الدولة ومكاتب العمد، للوقوف على الطريقة التي تدار بها ولمعرفة المقيمين فيها. تضييق الخناق ساهمت الكثير من الشركات التي تبحث عن بنايات لإسكان عمالها برفع الايجارات على المواطنين الذين يبحثون عن شقق تأويهم، خصوصاً في مناطق كالجبيل الصناعية وغرب الدمام، إضافةً للخبر، حيث تنتشر فيها الوحدات السكنية التي تستأجرها الشركات الكبرى بهدف إسكان موظفيها، ما ساهم في تضييق الخناق على الكثير من الأسر، خصوصاً الشباب المقبل على الزواج، والذي أجل اكثير منهم زواجه بسبب عدم تمكنه من الحصول على شقة مناسبة حسب إمكانياته المادية.