أعربت الأهلي كابيتال،عن اعتقادها بأن مرحلة الانكماش الاقتصادي التي مرت بها أسواق المنطقة كانت بمثابة اختبار لبرامج التنويع التي تعتمدها اقتصاداتها وخاصة في قطاعات كالقطاع العقاري، كما أنها خرجت أقوى من السابق من خلال التزام الحكومات المستمر، والنمو الذي تشهده القطاعات غير النفطية والذي فاق مستوياته الاعتيادية، إضافة للتحول الملحوظ في الأنشطة الاقتصادية من القطاع العام إلى القطاع الخاص. وأشار الدكتور يارمو كوتيلاين، كبير الاقتصاديين بالأهلي كابيتال، في التقرير الشهري الذي يصدره البنك حول الاقتصاد الخليجي "في الوقت الذي يسيطر فيه قطاع النفط على الاقتصاد الإقليمي، تسير جهود التنويع الاقتصادي بشكل مشجع جداً. ويبدو أن العديد من مشاريع التنويع باتت في مرحلة متقدمة وخلقت زخماً قويا يعزلها عن تأثير تقلبات الدورات الاقتصادية". رغم أن قطاع النفط في المملكة العربية السعودية ما يزال اللاعب الأكبر في اقتصاد الدولة، فقد بات القطاع غير النفطي يلعب دوراً متزايد الأهمية في تنمية الاقتصاد خلال الفترة الأخيرة. فعلى سبيل المثال، انخفضت مساهمة قطاع النفط والغاز في الناتج المحلي الإجمالي السعودي (وفقاً لأسعار عام 1999م الثابتة) من 34,1 بالمائة في العام 2000م إلى 33,3 بالمائة في العام 2005م، واستمرت النسبة في التدني بعد ذلك حتى وصلت إلى 28,1 بالمائة في العام 2009م. ويمكن ملاحظة هذا النموذج وتأثيراته لدى جميع دول الخليج العربي. في البداية، كانت سياسات التنويع الاقتصادي تستهدف بشكل أساسي قطاع التصنيع المربوط بالطاقة، ولكن التطوير المستمر للكوادر العاملة والخدمات على حد سواء بات أولوية كبرى لضمان استمرارية نجاح جهود التنويع، كما أنه تشكلت قناعة لدى الكثيرين بأن توليد فرص عمل كافية للعدد المتنامي من السكان بشكل منتظم لن يتم إلا من خلال تعزيز مؤهلات القوى العاملة وإيجاد المزيد من الفرص في قطاع الخدمات. وبالنتيجة، فإن أكثر من نصف إجمالي المبالغ المقرر إنفاقها وفقاً للخطة الخمسية السعودية التاسعة سيخصص لتطوير الموارد البشرية، وستوجه غالبية هذه المبالغ لتطوير التعليم وبرامج التدريب. وقد أخذت الحكومات الخليجية على عاتقها مسؤولية توسعة وتحديث البنية التحتية الاجتماعية والمادية في اقتصاداتها، ولكنها قامت أيضاً بالتسهيل لقطاعات اقتصادية جديدة بالنهوض، مثل قطاعي التعدين والبتروكيماويات، من خلال الاستثمارات والتدخلات المباشرة. وبالرغم من النجاحات المبهرة التي حققتها، إلا أن التدخل المستمر والكبير لحكومات المنطقة في إدارة الاقتصاد القومي أصبح يشكل عبئا متزايداً عليها. وقد أسفر هذا عن جهود لتحويل مسؤولية الحكومات من لاعب نشط في الاقتصاد إلى جهة تنظيم ورقابة، وهو النموذج الذي يتماشى مع التوجه السائد في العديد من الدول خارج منطقة الخليج العربي على مدى العقود الماضية. الانكماش الحاصل حالياً يضع هذا النموذج تحت الاختبار بينما تتدخل الحكومات لدعم الطلب الكلي مع ضمان استمرارية مشاريع التنويع الأساسية، وبالأخص مشاريع البنى التحتية الضخمة. وبشكل مشجع، غدت النفقات الحكومية متركزة على الإنفاق الرأسمالي طويل المدى بدلاً من الحوافز قصيرة المدى. ومع ذلك، فإن الحفاظ على التركيز اللازم لخلق فرص عمل وتطوير القطاع الخاص يستدعي مزيداً من الإجراءات لضمان انسحاب الحكومات في الوقت المناسب من المجالات التي تدخلت فيها في السابق بناءاً على اعتبارات مؤقتة. واختتم الدكتور كوتيلاين: "التحدي الحقيقي أمام استمرارية التنويع الاقتصادي يكمن في تقليل الاعتماد على المشتقات الاستثمارية، وبرامج الدعم، والتدخلات الحكومية. ويبدو أن طبيعة النمو في الخليج المعتمد على الطاقة بشكل كبير تعد مشكلة يتزايد الاعتراف بها، لذلك تبذل حالياً الكثير من الجهود لخفض اضطرابات الأسعار. كما أنه يجب النظر في خطر التدخل المفرط للحكومات بمجرد اكتمال الدورة الاقتصادية".