قدمت في زاوية «لقاء» منذ أشهر مقالاً أتصور أنه الأول من نوعه في حيثيات مضمونه.. وكرّرت ذلك المضمون في طرح موضوعات أخرى تتعلق بالجامعة العربية.. هذه الجامعة التي مرّ على تكوينها وتعدّد اجتماعاتها أكثر من نصف قرن، ولم يرصد لها أي مكسب إيجابي ذي علاقة بواقع الخصومات أو التعامل الدولي أو تنظيم رعاية المجتمعات.. لكن يبدو أن الجامعة ليست إلا سكرتارية حكومات أكثر مما هي أهمية مجتمعات.. ولا أستعيد الموضوع ولدي أمل في أن يجد مَنْ يتعامل معه سواءً من الجامعة أو من الحكومات العربية، وإنما أن ينشط وعي اجتماعي إعلامي يمهّد ثم يحقّق ما يكفل هزيمة الفقر والبطالة في العالم العربي، لو توفّر تفاهم اجتماعي بهذا الخصوص.. لتختلف الحكومات كما تريد، لكن إشاعة الفرص للعربي هي أكثر ضرورة وأهمية من إتاحتها وبشكل مبالغ فيه لكل مَنْ هو غير عربي.. هنا نقف أمام حقائق تقلّل من أهمية العامل العربي، لنقل أيضاً الموظف العربي، فيما يخص تأهيله لأداء ما يتم معه التعاقد فيه.. اقترحت في ذلك «اللقاء» على الجامعة العربية أن تتبنّى مشروعاً عاماً عبر اجتماع قيادي لها تقترح فيه إنشاء إدارة مهمتها فتح معاهد عديدة في الدول التي تمتلئ بالعمالة العاطلة أو المرتبات المتدنية كاليمن ومصر والسودان والمغرب.. هذه المعاهد تجهّز بكفاءات تدريس تقنية ومهارات أداء ربما لا تتجاوز فترة الدراسة ثلاث سنوات أو لنقل خمس سنوات.. ولدفع ذوي الكفاءات المتدنية إليها يُشترط أن يكون التعاقد قائماً مع خريجي هذه المعاهد.. من أين الميزانية؟.. هي أبسط ما يكون لو دفعت كل دولة متوسطة الثروة خمس مئة ألف دولار، ودفعت كل دولة غنية خمسة ملايين دولار، لأمكن رصد ميزانية جيدة.. فالصرف في أكثريّته على المرتبات.. لم يستجب أحد في الجامعة العربية لهذا الاقتراح.. ويزيد الأمر سوءاً أن المعالجات الصحفية لواقع العمالة هي دفْع نحو التعقيد والخصومات أكثر مما هي محاولات واعية للوصول إلى حلول مقنعة.. في صحيفة الدستور المصرية وبعدد الخميس 21 اكتوبر الجاري مقال غريب في الصفحة «15» بدون توقيع؛ يشن فيه الكاتب حملة على المملكة العربية السعودية ومجتمعها، وأن هناك تعاملاً غير مقبول مع المصريين، ويعلن سخطه على موضوع الكفيل.. كلام يفتقد للموضوعية، حيث إذا كانت هناك مشكلة مئة سعودي في مصر أو مئة مصري في السعودية فإن هناك ملايين من الشعبين يقوم بينهم تعاون وتبادل استثمار وعلاقات احترام متبادل.. إذا أردت أن تتصيّد أيّ حالات فردية في سوء التعامل فإن هذا يمكن توفّره وبجزالة بين أحياء المدينة الواحدة.. وتحريك الخصومات غير المبررة لن يكون علاجاً لمستويات مرتبات متدنية جداً.. أستغرب، بتعدد ما عرفته منها، كيف يستطيع مَنْ يعمل بها ليس.. تدريس أبنائه أو تسديد إيجار بيته.. ولكن توفير قوته اليومي له ولزوجته وابنه فقط.. إذا كنا أمة عربية واحدة فيجب أن نفكّر بموضوعية تساعدنا على إيجاد حلول لأمة من المؤلم أن تعاني من هذه الأوضاع..