في الصباح الباكر( نادراً ما تعمل جهة خدميّة باكراً) سمعت ضجيجاً قرب منزلي فخرجتُ لأستطلع الأمر فإذا بعُمال لا أدري لمن يتبعون حيث لا هوية لهم ولا زيّ يُشير إلى الجهة التي ينتسبون إليها ، يعالجون عداد الماء تحت سور جاري. قلتُ هي فرصة لتفقّد عداد الماء خاصتي . بحثت عنه فوجدته مطموراً تحت أوراق شجر يابسة وكوم من تُراب ، أزحتها فأطل وجه العداد الصبوح. هنا برز السؤال الضائع : كيف يقرأ موظف شركة المياه معلومات العداد وهو في لحدهِ مطموراً ؟؟ قد يقول قائل إنهم يستخدمون التقنية في القراءة فهناك كاشفات استشعار تقرأ عن بُعد، قلتُ أشك في ذلك . قال لي أحد كبار السن بأنه يعتقد أن عداد الماء صُمم بحيث لا يتوقف حتى لو توقف ضخ الماء..! سألتهُ كيف ؟؟ قال : المواصير (بالصاد وليس بالسين كما يقول العامة هُنا) لا تبقى فارغة ، صحيح يتوقف ضخ الماء فيها لكن يحل محله الهواء وهذا بدوره يدفع العداد للحركة وبالتالي الحسابة بتحسب في كُل وقتٍ يا ولدي. أعود للعداد الراقد تحت التراب لأقارنه بعداد قياس السرعة في السيارة، فالكل يعرف بأنه كلما ازداد الضغط على دواسة البنزين كلما زاد ضخ الوقود في البخاخات وبالتالي زيادة السرعة التي نقرأها عبر مؤشر العداد في الطبلون. في بلادنا تقوم مصلحة المياه (سابقاً) شركة المياه الوطنية(حالياً) بقطع إمدادات الماء عن الأحياء لعدة أيام (إن لم يكن أسابيع) ومن ثم إعادة الضخ بقوّة وهذا يؤدي إلى ضعضعة الشبكة والتسبب في شروخها ما يسمح بتسرب المياه الجوفية المتكونة من الصرف الصحي إلى الأنابيب ومن ثم إلى خزانات المنازل ومنها إلى بطوننا . هذه واحدة أما الأخرى حسب ظنّي فهي زيادة سرعة عداد الماء المسترخي لعدة أيام فيحسب أكثر مما ينبغي حسابه، وكما قيل مصائب قوم عند قوم فوائدُ. هذه حكاية عداد الماء، أما عداد الكهرباء (شافط الدراهم) فحكايته حكاية، يا كافي.