في كل دول العالم ، ومنها دول العالم الثالث تكون الخطط والبرامج التنموية ، والأهداف الإستراتيجية متوجهة نحو الشباب ، تستهدف صياغة عقولهم ، وصناعة مستقبلاتهم ، وإعدادهم لتحمل مسؤوليات الإنتاج ، وأخذ الوطن إلى مواقع قيادية في كل الشؤون والأغراض والأنماط ؛ بحيث يسير وفق منهج واضح وسليم وعقلاني بفضل الإعداد التربوي ، والمعرفي ، والثقافي المعلمن لهم ، وهذا مبدأ يعتبر من أبجديات تحصين الدول والشعوب ، واستشرافها للمستقبلات الآمنة ، ووضع مصائرها في إطار فاعل من الضمانات التي تقوم على العقل ، والفكر ، والولاء ، والانتماء ، والأخيرتان لاتتأتيان إلا من خلال عملية مضنية تتجه إلى صهر الإنسان في وعي كامل بالإرث ، والجغرافيا ، والتاريخ ، وتعطيه تفرداً في ممارسة دوره الوطني من خلال إيمانٍ بكل عمل يحصّن ويسيّج الوطن من الاستهدافات ، والمنزلقات الخطرة في المسار. عبر كل الأزمنة تعمل الدول عبر مؤسساتها لمنهجة إعداد الشباب ، ووضع الطاقات والإمكانات في مسرب خدمة أهدافهم ، وبلورة طموحاتهم ، وتحقيق الاستفادة من مواهبهم ، وحثهم على الاكتشاف ، والاختراع ، والانخراط في الفكر الإبداعي والعلمي ، والتماهي مع المنجز الحضاري الأممي ، من منطلقات أن عدم إتاحة الفرص للشباب في إبراز قدراتهم هو كارثة حقيقية ، وخسارة فادحة للوطن ، والإنسان ، وهو بالتالي معوق أساس في صنع النهضة ، وإشكالية من إشكاليات التخلف التي تقيّد حركة الشعوب ، وتجعلها على هامش التاريخ ، وصناعة التنوير النهضوي . والحضارة لاتصنعها البنى التحتية المتفوقة والحديثة ، ولكن أساسها وعنوانها وديمومتها تأتي عبر الاهتمام بالإنسان فكراً وعقلاً وسلوكاً وممارسة . من هنا نسأل عن حال الشباب هنا ؟ نسأل عن واقعهم ، وعن نصيبهم من اهتمام المؤسسات الرسمية والمدنية ، وهل لهم تميز خاص من الرعاية والاهتمام بوصفهم الامتداد الطبيعي للهوية ، وأنهم ورثة التاريخ والجغرافيا؟ السؤال هنا ضرورة ، ويأتي من منطلقات أن الشباب يعيش حالة من الضياع ، والقلق ، وانعدام الرؤية الواضحة في مساراته ، كما يعيش الخوف من مستقبلاته ، بل من يومه قبل غده ، فهو محاصر بإشكالات متعددة وبالغة الخطورة ليس أكثرها وجعاً هيمنة فكر أحادي تسلطي قمعي متكهف في أقبية الجهل والتخلف والانعزال ، ويسعى بشراسة لاختطاف الشباب إلى محاضن تغييب العقل ، وإلغاء التفكير ، وسلب الإرادة ، وتوجيهه نحو تدمير المنجز التنموي ، وتشويه صورة الكائن السعودي . إذن .. لماذا يغيب في الهيكل الإداري وزارة للشباب والرياضة ، وهي وزارة نعتبرها مهمة وضرورة ، بل ترقى إلى تصنيفها وزارة سيادية ؟ أحسب أن الوقت والظروف ، ومشكلات وهموم الشباب تفرض علينا المسارعة في إنشاء وزارة للشباب والرياضة ، وتحصينها من اختراقات الفكر الظلامي لكوادرها لكي تُبنى من الأساس في فضاء صحي وسليم ومعقلن . ولا أريد مناقشة الأمر أكثر من هذا فقد أردته صوتاً بجانب ما طرح يوم أمس في ندوة الثلاثاء .