تعد الآثار التاريخية لكل بلد كنزا وثروة لا تقدر بثمن، ومصدر دخل رئيس للكثير من الدول لما تمثله من قيمة عالمية واقتصادية مهمة.. وبلادنا تتميز بوجود عدد من الآثار التي تم تسجيلها في منظمات التراث العالمية، ومن أهم المدن الأثرية في المملكة "محافظة العلا" لما تمتلكه من آثار عديدة تعود لحضارات وممالك قديمة تعود إلى ما قبل الميلاد. وتمتلك المحافظة مواقع أثرية من أهمها "آثار مدائن صالح" والتي تعد أول موقع سعودي يسجل في منظمة التراث العالمي - إحدى منظمات اليونسكو- كما تضم مواقع أثرية أخرى، كآثار البلدة الإسلامية القديمة والتي ترجع للقرن السادس الهجري، وآثار"الخريبة" التي تعود لمملكة لحيان القديمة، وآثار"عكمة" وكلاهما يرجع تاريخهما إلى ما قبل الميلاد، وآثار مدينة "قرح" - المابيات الإسلامية -، التي تعود للقرن الثالث والرابع الهجري، وآثار سكة حديد الحجاز والتي يرجع تأسيسها لما قبل مائة عام، وتولي الهيئة العامة للسياحة والآثار آثار المحافظة اهتماماً متزايداً، بدأ بالعناية والحفاظ على آثار العلا، وتسجيل آثار "مدائن صالح" في منظمة التراث العالمي، وأصبحت المحافظة تستقطب سنوياً أعداداً متزايدةً من السياح من داخل المملكة وخارجها بلغ عددهم العام الماضي 1430ه سبعين ألف زائر، كما تحظى بتواجد دائم لوسائل الإعلام العالمية. تشويه الآثار ورغم هذه الأهمية التاريخية، إلاّ أن بعض الزوار -من أبناء الوطن- أساءوا كثيراً لآثارها؛ إما بالكتابة عليها أو بالعبث والتخريب، خاصة أن غالب زوار المواقع الأثرية في العلا من فئة الشباب، حيث يتفننون في كتابة ذكرياتهم عليها. وفي جولة ل"الرياض" على آثار مدائن صالح رصدنا بالصور كتابات، مابين أسماء مدن وشخصيات، أو أرقام جوالات ولوحات سيارات، في مظهر تشويهي، وتحدٍ واضح لقوانين الهيئة العامة للآثار، التي تمنع الكتابة والتشويه والتخريب للمواقع الأثرية، والدافع لهم عدم وجود العقاب الرادع والرقيب المتواجد في هذه المواقع لمنعهم من التشويه، وأدى ذلك إلى نقل صورة مشوهة للإعلام الغربي بأننا لا نهتم بتراثنا وتاريخنا. سور يحيط بآثار تاريخية تحول إلى لوحة ذكريات التدخل الفوري وحول هذه الظاهرة تحدث ل"الرياض" عدد من المرشدين السياحيين في المحافظة، حيث تحدث المرشد السياحي "محمد الصخري" قائلاً: "بكل أسف نجد أن شبابنا لا يقدرون أهمية الآثار ويشوهونها بالكتابات والتحفير"، مناشداً هيئة السياحة والآثار التدخل الفوري لحل المشكلة ومحاسبة "المشوِّهين"، خاصة أن بعضهم يكتب اسمه أورقم جواله مما يسهل إحضاره ومحاسبته. أما المرشد السياحي "سالم الموسى"، فيقول: "بكل أسف..عندما أقوم بجولات سياحية مع سياح أجانب، ويشاهدون هذه الكتابات، أشعر بحرج كبير جداً عندما يقوم أحدهم بتصويرها"، مضيفاً أنهم لا يكتفون بذلك، بل يقولون:"إن هذه الآثار كنز لكم ويجب أن تحافظوا عليها"، داعياً إلى تطبيق عقوبات رادعة في حق من يشوه هذا الموقع، الذي يعد أول موقع سعودي يسجل في منظمة التراث العالمي. وفي ذات السياق ناشد "عبد العزيز آل عبد الدائم" هيئة السياحة بتكثيف تواجد المراقبين في مواقع آثار العلا، وتطبيق عقوبات رادعة في حق كل من يشوهها، بالكتابات أو التحفير، لما تمثله الآثار من أهمية تاريخية، وقال: "يجب أن يعي الشباب الزائر للمواقع الأثرية، أن كل كتابة على الآثار تسيء لنا كشعب سعودي أمام السياح الأجانب، والذين يتهموننا دائماً بأننا لا نحافظ على تراثنا بسبب هذا العبث".