قبل بضعة أسابيع أحد الزملاء نقل عني.. مجتهداً فيما أراد.. أن هيئة الصحفيين في رأيي ليس لها اهتمام إلا بالمتفرغين من الصحفيين، أو أنها لا تعتني إلا بهم، بما يوحي أن هيئة الصحفيين أوجدت فقط من أجل هؤلاء المتفرغين.. طبيعي في أي بلد من العالم هناك مَنْ هو متفرغ ومَنْ هو متعاون، ويبرز بين المتعاونين أحياناً أصحاب كفاءة أداء صحفي، لكنهم لأهمية نوعية ما يشغلونه من وظيفة خارج العمل الصحفي - سواء من حيث الأقدمية أو نوعية التوظيف - لا يرغبون في التفرغ.. ليس هناك اعتراض على ذلك إطلاقاً.. لكننا جميعاً - سواء نحن في الهيئة أو وزارة الإعلام أو إدارات الصحف المحلية - نتحمل مسؤولية مشتركة تهتم بإشاعة التفرغ الصحفي.. والتفرغ لا يعني فقط الاقتصار على وظيفة الصحافة، ولكنه يعني تطوير نوعية الأداء مثلما يعني أيضاً اعتماد العمل الصحفي مجالاً لا يعذر لو أهدر التفرغ فيه.. ألسنا نكتب عن البطالة.. نسخر من دول عجزت عن توفير كفاءات لصحافتها.. نتبرم من ضآلة الرعاية المادية في دول أخرى؟.. لقد ناقش مجلس إدارة الهيئة في آخر اجتماع له ضرورة تحديث التفرغ وفرض مغريات على ممارسته، ولن يتم ذلك إلا بالتعاون مع وزارة الإعلام، التي أفضل أن يكون لها دور في تحسين الوضع الوظيفي كالزيادة السنوية للمرتب، وبدل السكن، وجزء لا يقل عن مرتب شهرين من فائض الأرباح.. وقد أعلنت ذلك منذ فترة ليست بالطويلة.. لكن كل هذه الحوافز للتوسع في مجالات التفرغ ووجود مختلف التخصصات بمؤهلات مشرفة وحضور إعلامي نزيه.. كل هذه الحوافز ليست هي كل مهمات هيئة الصحفيين.. فالمتعاون له كل الحقوق النظامية ومن الخطأ إهدار مَنْ يملكون كفاءات الممارسة، لكن ظروفاً وظيفية خاصة تحول دونهم ودون التفرغ، فلا يكونون في واجهة العمل مثل غيرهم.. ونحن نعرف أن نظام الهيئة يعطيهم جميع الامتيازات باستثناء عضوية مجلس الإدارة وكذا عضوية الانتخابات، حيث هما مهمتان تخصان المتفرغين.. إن محاولات إثارة التعثير في وجه مجلس إدارة الهيئة ليس بالجديد، فمنذ ما قبل الإعلان عن الانتخابات الأولى لمجلس إدارة الهيئة قدمت بعض الأقلام في مواقع شتى اعتراضات غير مبررة، وحدث الشيء نفسه بعد انتخابات المرة الثانية لكن بصوت أكثر خفوتاً.. إن الهيئة لم تتواجد بقرار تعيين من وزارة مسؤولة.. ونسجل التقدير ونكرّره لمعالي الوزير فؤاد الفارسي حين وافق على ألا يكون هناك تعيين وإنما انتخابات تشمل كل الأعضاء..