واصل اقتصاديون طرح رؤيتهم حول سعي الدول الصناعية الكبرى الى خفض قيمة عملاتها في محاولة منها لتسويق منتجاتها، مما أوجد حربا علنية بينها قد تؤدي الى حدوث أزمة اقتصادية جديدة بعد ان تصل اسعار العملات الرئيسية الى اقل مستوياتها، وبالتالي تتأثر اقتصاديات بقية الدول، خاصة التي ترتبط عملاتها بالعملات الرئيسية. وقالوا ل "الرياض" ان التذبذبات الحادة التي تشهدها اسعار صرف العملات الرئيسية تنطوي تحت مخاوف شديدة من محاذير اقتصادية قادمة من الدول العظمى ومنها ضعف التبادل التجاري لتدعيم اقتصادياتها بحلول سريعة وخطرة، مشيرين الى أن بقية الدول قد تستمر في اتخاذ مزيد من خطوات تبادل العملات البيني لتجنب فوارق اسعار الصرف. ويؤكد في البداية أستاذ الاقتصاد في جماعة الطائف الدكتور سالم باعجاجة ان التأثيرات السلبية للتذبذب الحاد في فوارق صرف العملات مؤشر خطير على توقعات بضعف اقتصادات الدول الكبرى وسباقها نحو رفع حركة تجارتها على حساب بقية دول العالم، مضيفاً أن توجه الدول لخفض قيمة عملاتها سيلحق الضرر ببقية دول العالم في الوقت الراهن ويؤثر عليها على المدى البعيد. وأوضح باعجاجة ان الدول ترغب في تنشيط اقتصاداتها وتسريع وتيرة النمو فيه بتحريك اسعار العملات لتدعيم الصادارت والحصول على عوائد مبيعات أكبر. متوقعاً وجود اشكاليات اقتصادية قادمة على رأسها ارتفاع معدلات التضخم في العالم وضعف اداء الاقتصاد العالمي ككل ثم اشكاليات الاتحاد الأوروبي، في ظل وقوع اقتصاديات كبرى تحت ضغط الاداء الضعيف. الشيخ: خفض قيمة العملات الرئيسية سينعكس سلباً على أسواق النفط وطالب باعجاجة قمة واشطن المالية إتباع سياسات نقدية موحدة ومحددة في اطار زمني واضح والسعي نحو امتصاص الاسعار والحد من عوامل دفع معدلات التضخم للاعلى، مشيرا الى ان على القمة النظر في حلول جماعية متوازنة تراعي جميع الاقتصاديات الكبرى والناشئة والمحدودة ودعم استقرار العملات. وأكد باعجاجة ان الدولار الامريكي خلف التغيرات الاخيرة منذ نشوب الازمة المالية العالمية ثم عملات اليورو واليوان والين بعد تغيير موازين القوى فيها وبالتالي ساهمت في المخاوف الاقتصادية من أي تأثيرات مستقبلية. من جهته قال المستشار الاقتصادي الدكتور محمد دردير: إن على قمة واشنطن الخروج بقرار لرفع اسعار فائدة البنوك المركزية او تخفيض اسعار قيم العملات للخروج من المأزق الحالي، موضحا ان كل السيناريوهات المتاحة لحل الاشكاليات يتبعها مخاطر في النهاية لكن رفع اسعار فائدة المصارف المركزية قد يكون الحل الاقل ضرراً على المدى البعيد، لان الهدف النهائي الوصول لتوازن اقتصادي عام في دول العالم وتقليل حركة التذبذبات في اسعار العملات. وأشار دردير الى ان سعي بعض الدول نحو خفض قيم سعر صرف عملتها قد يزيد من المخاطر الاقتصادية التي تواجهها دول العالم، مبينا ان الاقتصاد السعودي جزء من العالم حيث يؤثر فيه ويتأثر به خاصة مع ارتباط الريال بالدولار الامريكي. باعجاجة: تذبذب الأسعار مؤشر على ضعف اقتصاد الدول الكبرى ودعا دردير الى دعم الاقتصاد السعودي من خلال دعم الصناعات وتكثيف الصادرات لرفع مستوى الدخل العام. ويؤكد استاذ التسويق في كلية ادارة الاعمال في جدة الدكتور عبد الرحمن ابراهيم الصنيع ان هواجس الخوف من أي تأثيرات سلبية دفعت العملات الى تذبذبها بشكل غير معتاد مما سيؤدي الى خلل اقتصادي مستقبلاً اذا لم يتم ايجاد حلول حالية للحفاظ على توازن الاقتصاديات العالمية والخروج من دائرة الخطر الذي سيلحق بالجميع، مؤكداً ان الدول الصناعية الكبرى ترغب في المحافظة على حجم تبادلها التجاري مع دول العالم، مما دفع بقية الدول للتفكير بالتعامل البيني المالي كما يحدث في بعض الاقتصادات الناشئة للنجاة من الخسائر الناجمة عن اسعار صرف العملات الرئيسية، وهذا قد يشكل خطرا آخر على بقية الدول. الصنيع: التفاهم المباشر بين الدول قد يُعيق التوصل لحلول مرضية وتوقع الصنيع أن يسجل الاقتصاد نموا في الصين بسبب تأثر اقتصاد دول الولاياتالامريكية واوروبا سلبا. وعبر الصنيع عن تشاؤمه بتحقيق نتائج ايجابية في قمة واشنطن، مشيرا الى ان التفاهم المباشر بين الدول قد يعيق التوصل لحلول مرضية لجميع الاطراف لان كل دولة تبحث عن مصالحها في ظل الظروف الحالية، موضحا أن وجود البنك الدولي كطرف محايد ومحرك اساسي قد يوصل الى نقاط اتفاق والخروج بتوصيات او قرارات مناسبة على المدى القريب كحل ادنى. ويشير كبير الاقتصاديين في البنك الاهلي الدكتور سعيد الشيخ الى أن التوترات الحاصلة في اسواق العملات تعكس حالة عدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي، وهناك مخاوف من قيام بعض الدول لتحفيز نمو اقتصادياتها بخفض قيمة عملاتها مقابل العملات الاخرى بهدف تشجيع الصادرات ومن ثم تحفيز النمو الاقتصادي. وحدوث أمر من هذا النوع قد يدفع كثيرا من دول العالم أن تدخل في حرب أسعار الصرف، بمعنى ان تتنافس الدول فيما بينها في خفض قيمة اسعار صرف عملاتها وهذا الامر غير محبذ لما له من انعكاسات سلبية على الاقتصاد العالمي ككل. وطالب الشيخ الدول بالبحث عن تحفيز صادراتها من خلال تحفيز الطلب المحلي، للنمو الاقتصادي وليس الاعتماد الكلي على التصدير لتحفيز النمو لان ذلك يخلق منافسة مع الدول الأخرى تؤدي إلى حرب في أسعار الصرف. واعتبر الشيخ أن استمرار أزمة خفض العملات سيؤدي الى اثار سلبية على الاقتصاد العالمي لأن كل دولة من الدول الكبرى ستحاول تصدير ازمتها الى الخارج من خلال خفض سعر الصرف وتشجيع التصدير وبالتالي قد تتخذ الدول إجراءات حماية مثل فرض قيود على الواردات او رفع الجمارك حتى تستطيع أن تواجه قوى الدول الأخرى فيما يتعلق بتصدير منتجاتها وعندها يحدث ركود اقتصادي عالمي. الحمدان: السياسة وراء إصرار الدول الكبرى على خفض عملاتها واضاف الشيخ أن الريال مرتبط بالدولار وبالتالي يتأثر نتيجة لتقلبات سعر الدولار امام العملات الاخرى فمتى ضعف الدولار امام الين الياباني او اليورو الأوروبي سترتفع كلفة الواردات من اليابان واوروبا بالنسبة للمملكة، وفي حال ارتفع الدولار امام هذه العملات سينخفض التضخم المستورد من اوروبا واليابان، مشيرا الى أن نشوب حرب في سعر الصرف قد يؤدي الى تباطؤ عالمي سينعكس على اسواق النفط وبالتالي ظهور نتائج غير جيدة للاقتصاد السعودي. واستبعد الشيخ تفاقم الأزمة الحالية، لان الاجتماع القادم في واشنطن سيجعل الدول تتحاشى الدخول في تنافس بينها لخفض عملاتها وبالتالي الإضرار ببوادر النمو والانتعاش الاقتصادي العالمي. من جانبه قال المستشار احمد الحمدان: لا شك أن توترات أسعار الصرف لها انعكاس سلبي على الاقتصادات العالمية والإقليمية والمحلية لأن تذبذب أسعار الصرف له تأثير مباشر على التجارة الخارجية وعلى أعمال وأسعار السلع والخدمات التي تُنتج في الدول المتأثرة بالتذبذب، كما أن هناك مشاكل غير مباشرة وتأثيرا سلبيا بسبب رفع معدل نسبة التضخم في تلك الدول الأمر الذي سيؤدي إلى عدم استقرار التجارة المحلية والدولية في تلك الدول، والواقع انه تم تسييس هذه القضية خاصة بعد القانون الجديد الذي تم تمريره في الكونغرس الأمريكي لمحاربة الدول التي تدعم سعر صرف عملاتها من خلال تثبيت سعر الصرف حتى تتمكن من تمرير منتجاتها للأسواق العالمية. والقضية تتبناها الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد بعض الدول مثل الصين التي غزت العالم بمنتجاتها المختلفة والتي غطت جميع المجالات، الأمر الذي سوف يجر إلى أزمة مالية تضرب اقتصادات بعض الدول التي تقوم بمساندة سعر صرف عملاتها وتثبيت سعر الصرف. وبالطبع سوق المملكة العربية السعودية جزء من السوق العالمي. د. سعيد الشيخ د. عبدالرحمن الصنيع احمد الحمدان