سألوني عن سوق عكاظ، وقد حضرت احتفاليته منذ أيام خلت؛ أين موقعه في الطائف؟ وكيف وجدته؟ وما رأيك في برامجه؟ وقد أجبت السائلين أن السوق في مكان فسيح على بعد كيلوات من المطار إلى شرق الطائف، وقد بث الحياة فيه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل - وفقه الله - حين أعاد مناسبة ثقافية وتجارية كان العرب يقيمونها كل سنة، وأرى أن المناسبة تبشر بمستقبل واعد للطائف، يقودها رجال لا يتنكرون لماضيهم ولا يتغافلون عن مستقبلهم، وهو ما عبر عنه سمو الأمير بقوله للضيوف: نريد أن يكون سوق عكاظ للماضي والمستقبل، للثقافة والفكر وللتجارة وكل جديد. ولكي تكون عكاظ كما تمنى سمو الأمير وكل الضيوف وكل محب للطائف، أرجو أن تجود وزارة المالية باعتماد سخي من الدولة لجعل السوق معلماً سياحياً وثقافياً وتجارياً يتسابق إليه السياح ورجال التجارة والصناعة والابتكار وأرباب الثقافة والفكر والأدب والشعر من داخل المملكة وخارجها فيا وزارة المالية جودي للسوق، فلا يوجد عند العرب قاطبة سوق عكاظ أخرى تفاخر بها. وقد سرني في تلك المناسبة تلك البهجة والفرحة التي لمستها في وجوه مرتادي جادة السوق وهم يتنقلون بين الباعة ومنشدي الشعر الفصيح المحاكين لشعراء المعلقات أو مع الرقصات الشعبية والأهازيج المصاحبة للمناسبة؛ إلا أن الذي استنكرته في تلك المناسبة واستوقفني هي القصيدة الفائزة بالجائزة الرئيسة «مرثية الغبار»؛ إذ لا أتفق مع اللجنة التي اختارت تلك القصيدة الحداثية التي ترهق السمع، فذوقي وسمعي جفلا من كلماتها ولم أفهم معانيها، واستغربت كيف تفوز هذه القصيدة وهي بحضرة السوق الذي كان ينشد فيه شعراء المعلقات، بل كأني أسمع أولئك الشعراء يندبون الشعر، ويلومون اللجنة المحكمة، وكأنهم يقولون أو فهمت ما قاله شاعركم اليوم؟! أم أن شعرنا عفاه الزمن وصار من الماضي؟! ويا ترى ما الشعر الفصيح؟! أهو قول الخنساء في رثاء أخيها صخر: يذكرني طلوع الشمس (صخراً) وأذكره لكل غروب شمس أم قول عنترة: فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم أم قول عمرو بن كلثوم: ونشرب إن وردنا الماء صفوا ويشرب غيرنا كدرا وطينا أم قول الشاعر الفائز: شمس تجرجر أمعاءها!! ضاع الصهيل الذي كان يصعد فرس الروح!! الدبق المتلاطم!! إنني أرى إعادة النظر في لجان الاختيار والتحكيم والاستعانة برجال الفصاحة والبيان، وهم كثر ولله الحمد.