((سبب الزحام في مدننا هو السماح لشركات الليموزين بأن تسرح وتمرح بلا حسيب، حيث يعطيها الرقيب التراخيص دون توفير مواقف لسياراتها، فتضيق الخناق على مجاوريها من منازل ومحلات تجارية، فإن اشتكى أحدهم للقضاء، مضت السنون حتى يصل دوره، وقد يكون حينها الشاكي قد انتقل من الدور العلوي الذي كان يسكنه، إن لم يكن قد انتقل إلى رحمة العلي القدير)). هذه الفقرة تمثل تعليقا ساخرا من قبل أحد الأصدقاء على ما أشرت إليه الأسبوع الماضي حول إشكالية الزحام في المدن الكبيرة بالمملكة ومقترحاتي لمعالجتها. وتحدث هذا الصاحب المحب، الكاره لشركات الليموزين عن عدم التزامها بالسعودة، وتحقيقها أرباحا "خارقة"، نتيجة لخرقها الأنظمة، مطالباً بوقف نفوذها، وقيامها بتوفير خدمة الطلب عبر الهاتف والجوال للحد من تجوالها المزعج. قد يكون الرجل متحاملا على هذه الشركات، وقد يكون داره بالقرب من أحدها فلم يتحملها، ولكني سوف آخذ كلامه على محمل الجد، وأبني عليه مقالتي اليوم. فمن الأمور الغريبة منح التراخيص لشركات وأسواق ومستشفيات، وجهات حكومية خدمية دون توفير عدد كاف من المواقف لمرتاديها الذين يفترض أن يتخذوا موقفا فيقاطعون ما يستطيعون مقاطعته منها. خذ مثلا: مستشفى على طريق الملك فهد بالرياض، يسمح له بالتوسع باستمرار (نظرا لتزايد الطلب عليه بسبب خدماته المتميزة التي لا أنكرها) دون أن يوفر مواقف تسمح بعدم وقف الحركة على شريان المدينة. خذ مثلا: الجامعات والمدارس، وتنظيم المرور حولها، دخولا وخروجا، حيث تحضر كل الأمور من زحام واختناقات مرورية عند التقاطعات المحيطة بها، و "ساهر" بحثا عن مخالفات، وتغيب مواقف السيارات وتنظيم المرور. خذ مثلاَ: ملعب الملز، عند مباريات الهلال أو النصر، حيث يشيد المعلق بالحضور الكبير، بينما يضيق سكان الحي بضيوف ثقلاء، سدوا منافذ الطرق نحو منازلهم، دون أن يعرفوا، هل يشتكون الرعاية، أم المرور، أم البلدية، أم المعلق، وكل ما يعرفوه أن الشكوى لغير الله "مذلة"! الأمثلة كثيرة، وللأمانة أنا لا أعرف من هو المسؤول الأول عن هذه المشكلة التي تتعاظم مع مرور الوقت أهو الأمانة أم المرور، والحقيقة التي أعرفها أن الرياضوجدة ستصبح قريبا من حيث الزحام والاختناقات المرورية من أسوأ مدن العالم المتقدم والفقير إن لم نتعامل بجدية وحزم مع هذه الإشكالية "الحقيقية".