بدأت الاربعاء في نيويورك اول محاكمة لمعتقل سابق في غوانتانامو امام محكمة مدنية، في ما يبدو تأكيدا لرغبة الرئيس الاميركي باراك اوباما في وقف الانتهاكات القانونية في اطار الحرب على الارهاب. وخلال جلسة محاكمته كان احمد خلفان جيلاني، التنزاني المتهم بلعب دور اساسي في تفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في تنزانيا وكينيا في 1998 مما ادى الى مقتل 224 قتيلا، يبتسم ويمازح محاميه. وكشفت بزته الزرقاء وربطة العنق التي يرتديها الملامح الفتية لرجل يقول المدعون انه كان مساعد اسامة بن لادن، بينما يؤكد محاموه انه اخضع للتعذيب في احد "المواقع المظلمة" لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه). ويمكن ان يحكم على جيلاني، الذي يعتقد انه في منتصف الثلاثينات من العمر، بالسجن مدى الحياة اذا ادين بالتهم الموجهة اليه. وكان القاضي لويس كابلان قام الاربعاء بانتقاء محلفين لن تكشف اسماؤهم طوال المحاكمة. وستعرض الحجج الاولى الاثنين في اطار المحاكمة التي يفترض ان تستمر اشهرا وستشكل اختبارا لجهود اوباما من اجل اغلاق معتقل غوانتانامو ونقل قضايا المتهمين بالارهاب الى النظام القضائي المدني. وعلقت خطط مماثلة لمثول خالد شيخ محمد الذي يعتقد انه مدبر اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 امام القضاء المدني، بسبب الاستياء الذي اثارته بشأن كلفتها المحتملة والتهديد الامني الذي تشكله. وعلى الرغم من استياء السكان، تجري محاكمة جيلاني في اجواء من الهدوء نسبيا. ورغم الاجراءات الامنية المحيطة بالمحكمة في مانهاتن قرب مركز برجي التجارة العالمي اللذين دمرا في اعتداءات 2001، اكتظت الشوارع المحيطة كعادتها بالمارة والسياح والموظفين. ولم يسجل اي انتشار اضافي للشرطة. وفي مؤشر على حساسية القضية، اكد كابلان مرات عدة للمحلفين ان اسماءهم واماكن عملهم واقامتهم لن تكشف وسيتم التوجه الى كل منهم في القاعة بالرقم الذي يخصص له. وقال كابلان "نحاول ان نتأكد من ان لا احد سيعرف اسماءكم او اين تعيشون او تعملون او يمكنه الوصول الى هذه المعلومات". وشدد على اهمية ان يتجنب المحلفون التغطية الاعلامية المكثفة للمحاكمة والا يناقشوا الامر مع اصدقاء او صحافيين. واوضح كابلان انه سيقوم هو ومحامون من الاجانب بتقليص هيئة المحلفين من مئات المحلفين المحتملين الى 12 محلفا، الى جانب محلفين احتياط. وتبدأ اجراءات المحاكمة بمئات من الحلفين المحتملين الذين يردون على استمارة طويلة تليها اسئلة طرحها القاضي الاربعاء ليتحقق من ان المحلف يمكنه ان يبقى موضوعيا في هذه القضية الخطيرة. وقال كابلان امام 53 محلفا تم انتقاؤهم ان "الذين لا نختارهم اليوم سيطلب منهم العودة الاسبوع المقبل للمرحلة الاخيرة من اختيار المحلفين". واضاف "في المرحلة الاخيرة سيتم اختيار هيئة المحلفين ثم نبدأ المحاكمة". وكان جيلاني دفع العام الماضي ببراءته من تهمة المساعدة على اعداد الشاحنة المفخخة التي دمرت سفارة الولاياتالمتحدة في دار السلام (تنزانيا) بالتزامن مع تفجير السفارة الاميركية في نيروبي. وهو متهم بانه كان من اقرب مساعدي اسامة بن لادن. وحاول محامو جيلاني منع المحاكمة مؤكدين انه حرم من حقوقه القانونية تضررت لانه تعرض للتعذيب في سجن تابع للسي آي ايه واعتقل خمس سنوات في غوانتانامو قبل ان تعرض قضيته على المحكمة. لكن كابلان رفض هذه الحجة. واعترفت الحكومة بان جيلاني خضع لما يسمى "تقنيات استجواب معززة". وقال الدفاع في جلسة استماع سبقت المحاكمة ان هذه الجلسات بلغت 14 ساعة خلال خمسة ايام.