لم يكن توحيد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - لهذا الكيان العظيم المتمثل في المملكة العربية السعودية مجرد حدث تاريخي مضى وانقضى.. بل انه لحدث من الأحداث التي صنعت التاريخ، وشيّدت للمجد معالم تستعصي على النسيان.. فقد كانت شبه الجزيرة العربية قبل توفيق الله للملك عبدالعزيز بتوحيدها مجرد أشلاء ممزقة، في كل قرية أو مدينة، سواء أكانت من الحجر أو المدر، من يرى أنه هو أمير المؤمنين والحاكم بأمره، فضلاً عن ما رافق ذلك من العودة إلى أخلاق الجاهلية الأولى في الكثير من مناحي الحياة، حيث يأكل القوي الضعيف، وتُنتهك الحقوق، وتُضيع الواجبات. وقد استصحب الملك الموحد والمؤسس النية الحسنة، في نهوضه بالواجبات التي كان ذروة سنامها، إعلاء كلمة الله عز وجل بتحكيم شرعه ورفع الرأس بذلك عالياً، من غير حجل أو مواربة، فكانت المكافأة الربانية العاجلة لجلالته، باستتباب الأمن والأمان في ربوع مملكته، من أقصاها إلى أدناها ومن أدناها إلى أقصاها، مع ما تزامن مع ذلك من تفجير الله لخيرات الأرض وكنوزها لجلالته من تحت أقدامه، الأمر الذي مكنه من أن يضع الأسس المتينة لبناء راسخ الأسس، شامخ المعالم.. فكانت الدولة بكل ما تعنيه الكلمة من المعنى، وقد جهد خلفاء المؤسس العظيم من أبنائه البررة، على أن يسيروا على نفس الخطى التي سار عليها، فكل من جاء منهم متسلماً مقاليد الأمور بعد سلفه، أكمل الغايات التي كان من قبله يريد الوصول إليها، وزاد عليها ما أملته عليه هممه وطموحاته ومقتضيات المصلحة العامة وروح العصر ومتطلباته. واليوم وهذه الذكرى العطرة، ذكرى التوحيد، تهل علينا، ونحن نسعد ونفخر بما أصبحت عليه بلادنا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - وأمد في عمره المبارك... فقد حوّل - رعاه الله - البلاد من شرقها لغربها، ومن شمالها لجنوبها، إلى ورشة عمل، وكأن هنالك سباقا حقيقيا مع الزمن، من أجل بلوغ الغايات المنشودة في سائر مناحي الحياة ومتطلباتها... وعوداً على بدء فإن احتفاءنا واحتفالنا، بيومنا الوطني الذي يترجم معاني الوحدة والوئام والبناء، هو احتفال واحتفاء برمز كان له الفضل بعد الله عز وجل في وصولنا إلى ما وصلنا إليه، والحمد لله رب العالمين.. * مدير عام الزراعة بالمنطقة الشرقية