مع بزوغ فجر الأول للميزان من كل عام، تتجدد ذكرى تأسيس الدولة الفتية على يد البطل الملك عبدالعزيز يرحمه الله، تشمخ في سمائها كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) التي تّجمع تحت ظلالها كل أبناء الأمة الإسلامية بأكملها في مشارق الأرض ومغاربها ومن هذا المنطلق انطلقت مملكتنا الغالية تحت قيادة مؤسسها الكبير الذي أرسى دعائم دولة فتية تمسكت بقيمها وثوابتها الإسلامية. فحين نتحدث عن اليوم الوطني ونحتفي به فنحن نحتفي بتحول تاريخي وبناء تأسيسي وبصرح وحَّد أرض الجزيرة العربية وانتقل بها من ظلمات الشتات والتفرق والتناحر إلى الدولة والنظام والتآخي والأمن والأمان في اجتماع تتعدد فيه الأطياف والمناطق والأفكار ليُمثل هذا التعدد إحدى أبرز الطاقات الكامنة التي يحملها الوطن. في اليوم الوطني نتلمس وجوهنا وملامحنا السعودية التي تحمل ولاءً وعرفاناً وامتناناً لله أن اوجد لنا هذا الوطن الكبير وأن أمدنا فيه بالقيادات والعقول التي استطاعت رغم كل الظروف والصعاب أن تواصل بناء هذه الدولة وبناء الإنسان فيها.في اليوم الوطني نتذكر الامتداد التاريخي السعودي الذي استطاع رغم عمره الوجيز أن يشكل ملامح بارزة على المستويين العربي والعالمي سبق فيها كثيراً من الكيانات القديمة. وقد واصل أبناء الملك المؤسس الأبرار من بعده مسيرة البناء والنماء والازدهار، حتى بلغ العطاء ذروته، في عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الذي حباه الله بزاد نادر وافر من الحكمة والحنكة وبُِعد النظر، إلى جانب مكارمه الإنسانية الرفيعة التي جعلته بحق ملك الإنسانية.وإلى جانبه ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني . ولقد استطاع خادم الحرمين الشريفين أن يخط بحروف من ذهب اسمه قائداً فذاً يعمل بلا كلل من أجل إسعاد شعبه وشعوب العالم الإسلامي والعربي، والعالم كله يشهد له بهذه الحقائق فالخطط التنموية الشاملة عمت أنحاء المملكة،كما حظي الجانب التعليمي باهتمامه حفظه الله وكان من اهتماماته تنمية العقول ، لقد قاد الملك عبد الله بن عبد العزيز أعظم مشروع تنموي استثماري في الإنسان السعودي، تمثلت نتيجته في ابتعاث عشرات الالاف من الطلبه المبتعثين يدرسون في أشهر المؤسسات الأكاديمية الغربية، وتشييد أكثر من عشرين جامعة وكلية أكاديمية على مستوى الوطن، فضلا عن إنشاء جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، وبناء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية حيث خاطب أبناء شعبه في أعقاب وضعه لحجر الأساس قائلاً: “أحمد الله أن أعاننا اليوم على تحقيقها -فكرة بناء الجامعة- حيث ستحظى المملكة وشعبها الكريم بمركز بحوث عالمي مستقل مادياً وإداريا يعتمد على أسس أكاديمية عالية ليكون قاعدة علمية ومحركاً للاقتصاد الوطني في الوقت ذاته وربط كل ذلك بمجال الطاقة والاقتصاد ليتحقق مبتغى خادم الحرمين الشريفين بإنشاء مدينة الملك عبد الله للطاقة النووية والطاقات المتجددة في العاصمة السعودية الرياض. ففي المجال الاقتصادي اُنجزت العديد من المشاريع التنموية العملاقة في جميع مناطق المملكة التي حققت التنمية المتوازنة بين المناطق وضيقت الفجوة التنموية فيما بينها حيث عمل – حفظه الله – على بناء قاعدة إنتاجية تستند بشكل أساسي على المعطيات الذاتية لكل منطقة ومقوماتها التنموية وقد تميزت هذه المشاريع بالشمولية والتكامل في بناء كل منطقة في مختلف القطاعات. إن إنجازات خادم الحرمين الشريفين في المجال الاقتصادي وتوجيهاته المثمرة في الإصلاح الاقتصادي الشامل وتكثيف الجهود من أجل تحسين الوضع الاقتصادي والاهتمام ببرنامج شامل لحل الصعوبات التي تواجه جميع المؤسسات والوزارات الحكومية ذات العلاقة قد أدى ذلك إلى أن تدرج المملكة – في تقرير أداء الأعمال الذي يصدره البنك الدولي – في قائمة أفضل عشر دول أجرت إصلاحات اقتصادية وكما ورد في التقرير نفسه أن المملكة تحتل المرتبة 23 من أصل 178 دولة باعتبارها أفضل بيئة استثمارية في العالم العربي والشرق الأوسط وقد كانت سفينة الاقتصاد السعودي بربانها خادم الحرمين الشريفين الذي استطاع أن يعبر بها كل أمواج الأزمة الاقتصادية العالمية وان يرسو بها إلى بر الأمان والاستقرار الاقتصادي بحكمته وحنكته رغم فشل دول كبرى في استيعاب ما كان يحدث لها من هزات اقتصادية. وفي الجانب السياسي لعل جولاته حفظه الله الأخيرة خير شاهد على مكانة المملكة وحرصه على لم الشمل العربي. ومن قراراته الحكيمة حفظه الله القرار الملكي الذي أصدره ووجّهه إلى سماحة مفتي عام المملكة رئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء ورئيس هيئة كبار العلماء والجهات المعنية، طلب فيه قصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء. ويأتي اختيار خادم الحرمين الشريفين من قبل مجلة (فوربس) من ضمن الشخصيات الاكثر تأثيرا في العالم للعام الحالي بمثابة شهادة جديدة في صفحة التقدير الدولي للملك عبد الله وآية على تنامي المكانة الدولية للمملكة في عهده حفظه الله . واعتبرت المجلة الأمريكية خادم الحرمين الشخصية الأولى عربيا والتاسعة عالميا من ضمن 67 شخصية عالمية مؤثرة. ومن حرصه حفظه الله على سقيا حجاج بيت الله والمعتمرين أمر أيده الله بافتتاح مشروع الملك عبد الله لسقيا زمزم في منطقة كدي بمكة المكرمة لضمان نقاء مياه زمزم بأحدث الطرق العالمية إلى جانب تعبئتها وتوزيعها آلياً. وختاماً أدعو الله تعالى أن يمد في عمر سيدي خادم الحرمين الشريفين وأن يعينه على أداء مهمته وأن يحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله وظل قيادتنا الرشيدة. إنه سميع مجيب. * قائد الحرس الملكي