كوكب الأرض أصبح صغيراً بفعل العولمة والانترنت وطائرات البوينج وانحسار الجغرافيا.. وأصبح السفر أكثر يسرا وسهولة بحيث بدأت مكاتب السفر التقليدية تختفي لصالح مواقع الانترنت، والرحلات الدولية المكلفة لصالح الطيران الاقتصادي الزهيد.. ولكن مع هذا كله تبقى هناك عقبات سياسية ومشاكل دولية وخصوصيات محلية تحول دون زيارة دول ومواقع كثيرة حول العالم.. فإن كنتَ مثلا تحمل جواز سفر سعودياً سيصعب عليك زيارة دول مثل إسرائيل وايران والعراق وأفغانستان وتايلند والبوسنة والهرسك.. كما يصعب عليك الحصول على "فيزا" لزيارة دول كثيرة مثل سنغافورة وكمبوديا وبوتان (ودولتين عربيتين) بسبب شروطها التعجيزية.. ومايحدث معك يكاد يكون عُرفا دوليا تحدده جنسية المسافر وطبيعة العلاقات وهوية البلد المضيف.. فالاسرائيليون مثلا يمنعون من دخول معظم الدول العربية والاسلامية، والأمريكان كانوا الى وقت قريب يمنعون من دخول الصين وفيتنام وروسيا.. أما كوريا الشمالية فلا يضاهيها أحد كونها تمنع رعاياها من السفر لمعظم دول العالم وتمنع (معظم دول العالم) من الدخول إليها!! ... وحتى في حال تجاوزت العقبات السياسية ستبقى هناك مناطق ومواقع يحرم عليك زيارتها حتى في الدول المسموح بزيارتها.. فمعظم دول العالم مثلا تتضمن معابد وأديرة ومواقع دينية يمنع زيارتها لغير المنتمين إليها.. وفي روسيا واليونان وإيطاليا توجد أديرة لا تمنع فقط غير المسيحيين من زيارتها بل وتمنع النساء من دخولها والاقتراب منها.. وكنتُ شخصياً قد منعت من دخول أرشيف الفاتيكان رغم تجولي في البازيليكا وكنيسة القديس بطرس أثناء زيارتي لإيطاليا عام 1999.. فهذا الارشيف يضم وثائق ومستندات تاريخية خطيرة تمس تاريخ أوربا والكنيسة يرفض الفاتيكان نشرها علناً.. ورغم إمكانية الاستجابة لطلبك بخصوص الحصول على نسخة مصورة من وثيقة محددة ولكن لا يسمح لأي كان بدخول الارشيف ذاته (بل ولا يستجاب لأي طلب يتعلق بوثيقة لم يتجاوز عمرها 75 عاما بالتحديد)!! وحتى وقت قريب كان يصعب على أي مواطن عالمي دخول روسيا بغرض السياحة والسفر.. وحتى من يدخلها بدعوة دبلوماسية يخضع لمراقبة الاستخبارات السوفياتية ، ولايسمح له بمغادرة موسكو وسانتبيتربيرج (أكبر مدينتين فيها) ويمنع من زيارة مدينة العلماء في نوفوسيبرسك.. ورغم أن الوضع اليوم أصبح أسهل بكثير إلا أنه يستحيل حتى على الروس أنفسهم زيارة بلدة ميجوري (التي لا تعترف الحكومة بوجودها أصلا).. فهذه البلدة خاصة بعلماء الصواريخ وتأسست عام 1979 من خلال عمليات حفر مجهدة في جبال الأورال تضمنت أنفاقا ومخازن ومباني إدارية لا يُعرف عنها شيء تقريبا . وهي بمثابة منطقة عسكرية مغلقة أمام المدنيين وتتضمن العديد من الصواريخ العابرة للقارات الموجهة نحو أوربا وأمريكا... أما في أمريكا فهناك المنطقة51 التي تفوق مساحة لوكسمبورج وموناكو ويستعملها سلاح الجو كمنطقة اختبارات عسكرية يحظر على المدنيين زيارتها.. ويعتقد المواطنون هناك أنها تضم مراكز اتصالات سرية مع الحضارات الفضائية بدأ التواصل معها بعد حادثة روزويل الشهيرة عام 1947.. ففي يوليو من ذلك العام شاهد الناس في مدينة روزيل في ولاية نيومكسيكو طبقا طائرا يجتاز سماء المنطقة ويتحطم خارج المدينة. وسرعان ماوصل سلاح الجو ونقل الجثث وبقايا المركبة الفضائية وأحاط المنطقة بسياج أمني مايزال قائما حتى اليوم (تعرف باسم المنطقة 51)!! أيضا من المناطق المحرم زيارتها حول العالم الغرفة رقم 39 (وهو الاسم الحركي للضيعة التي يجتمع فيها الجهاز السياسي لكوريا الشمالية) والمعبد العظيم في اليابان (وهو عبارة عن سلسلة معابد بنيت منذ ألفي عام ويحرم زيارتها على غير كهنة الشنتو) وموقع شبكة ايشلون في بريطانيا (التي أنشأتها بالتعاون مع أمريكا وكندا واستراليا للتنصت على كافة المكالمات والاتصالات التي تجري في العالم)!! ... وفي الحقيقة بدأتُ أفكر بتأليف كتاب عما أتمنى رؤيته أكثر مما رأيته بالفعل !!