لازال العالم يواجه تلك المعضلة التي باتت قلقا مستمرا ، ووفق البنك الدولي " ظلت معدلات الفقر والجوع العالمية في تراجع مطرد قبل حدوث أزمة الغذاء في عام 2007. إلا أن طول أمد القصور في الاستثمار الزراعي ، وما صاحبه من زياد حادة في أسعار الوقود والغذاء ، وما أعقبه من أزمة اقتصادية، دفع 100 مليون شخص آخرين إلى براثن الفقر". ووفقاً لتقرير الأممالمتحدة والذي اطلعت (الرياض) عليه للتوقعات السكانية العالمية ستكون هناك" حاجة بحلول عام 2050 لإطعام 2.3 مليار شخص آخرين بحسب البنك الدولي وهو ما يزيد بمقدار الثلث عن العدد الحالي ". وظهرت مطالب جديدة على الغذاء مع تزايد استخدام المحاصيل الغذائية لإنتاج الوقود الحيوي. ولكن في الوقت الذي يزداد الطلب على الحبوب الزراعية، تتراجع معدلات النمو في محاصيل الحبوب الرئيسية من حوالي 3 في المائة عام 1980 إلى واحد في المائة حاليا. موقف المطالبين بمضاعفة الإنتاج الغذائي في تزايد مستمر وذهب البنك الدولي إلى القول : " هذه الاتجاهات تشكل ضغوطا متزايدة على أسعار الغذاء، كما تؤدي إلى زيادة إزالة الغابات من أجل توسيع رقعة زراعة المحاصيل وما يترتب على ذلك من آثار مناخية مصاحبة. وهناك حاجة ملحة الآن لاستثمارات كبيرة في نمو الإنتاجية الزراعية." وتركز خطة العمل هذه على " مساعدة البلدان النامية على زيادة إنتاجيتها الزراعي وربط المزارعين بالسوق ، وتسهيل الحصول على الدخل غير الزراعي في المناطق الريفية ، وتعزيز الخدمات البيئية واستمرارها ". وتشير تقديرات المعهد الدولي لبحوث سياسات الغذاء إلى " الحاجة إلى استثمارات عامة بقيمة 14 مليار دولار إضافية سنويا في البلدان النامية " إذا كان العالم يريد أن يفي بالهدف الإنمائي للألفية الجديدة المتعلق بتقليص أعداد الفقراء والجياع بمقدار النصف بحلول عام 2015. ويُشار إلى كشفت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ، طبقاً لبيان صحفي بأنّ عدد الجياع لم يَزَل مرتفعاً على نحوٍ "غير مقبول" رغم الإنجازات الأخيرة المتوقّعة التي خفّضت الرقم الكُليّ إلى دون المليار نسمة على الصعيد الدولي. ويُدرِج التقدير الأحدث لعدد مَن يعانون الجوع المُزمن في غضون العام الجاري رقم 925 مليون نسمة، أي ما يَقل بمقدار 98 مليون شخص عن رقم 1.023 مليار (مليار و23 مليوناً) الوارد في تقديرات عام 2009. وإذ أكّد المدير العام للمنظمة "فاو" أن "بلوغ الهدف الدولي لخفض الجوع يواجه خطراً حقيقياً"، أشار أيضاً إلى أن الزيادات الأخيرة في أسعار المواد الغذائية في حالة استمرارها من الممكن أن تَطرَح مَزيداً من المُعوِّقات أمام جهود تقليص أعداد الجياع على الصعيد الدولي. ونقل عن المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، السيدة جوزيت شيران، طبقاً للبيان المشار عليه والذي نشرته المنظمة: "الإجراءات القوية والعاجلة التي اتخذتها الأمم والعالم أجمع قد أثبتت فعّاليةً في وقف التَزايُد السريع لانتشار الجوع". وزادت " لكن الوقت لم يَحُن للاسترخاء ولا بد لنا من الإمساك بزمام الجوع للحيلولة دون أن يَفلِت من قبضتنا، إذا كان لنا أن نضمن الحياة والكرامة الإنسانية". ويَرِد الرقم الجديد لمستوى الجوع العالمي مُتضَّمَناً في التقرير السنوي الرئيسيّ المعنوّن " حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم - التصدّي لانعدام الأمن الغذائي في ظلّ الأزمات المُمتدة" ، المُزمَع أن يَصدُر مشاركةً بين المنظمة وبرنامج الأغذية العالمي . وقد تم الكشف عن الأرقام الجديدة خصيصاً قبيل موعد اجتماع دُعي إليه للإسراع بإحراز تقدّم في إنجاز أهداف الألفيّة الإنمائية للأمم المتّحدة ، وأوّلها هدف إنهاء الفقر ويظهر رقم الجوع في عام 2010 بهبوطٍ مقداره 9.6 بالمائة عن مستوى عام 2009، بيد أن هذا الانخفاض يكاد يتركَّز برمّته في آسيا حيث من المُقدَّر أن نحو 80 مليون شخص قد نجوا من براثن الجوع هذا العام. أمّا في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، فلم يتجاوز الانخفاض نسبةً أقل بكثيرٍ من ذلك - نحو 12 مليون كمجموعٍ عام لمَن نجوا من براثن الجوع، بينما يُفترَض أن واحداً من كل ثلاثة أشخاص في تلك القارة يعاني نقص الغذاء. ولذلك فإن " الاستثمارات الزراعية الدولية مطلب ملح في ظل الحاجة لسلع غذائية سهل الحصول عليها ".