يعيد مكتب ناتيلا تشوخونليدزه في جامعة جورجيا الى الاذهان حقبة مختلفة تماما حيث توجد صورة لشاعر روسيا العظيم ألكسندر بوشكين في إطار على جدار ونسخ مجرحة لزملائه من عباقرة الأدب الروسي على الأرفف التي يعلوها التراب. وقالت تشوخونليدزه (70 عاما) الأستاذة الفخرية بمعهد الدراسات الروسية في الجامعة "كان لدينا 50 عضوا في هيئة التدريس والآن هناك خمسة لأنه لا يوجد طلبة كثيرون." ومضت تقول "اللغة الروسية تندثر" وأضافت مازحة "في عهدي." وتقف تشوخونليدزه في الطرف الخاسر في تحول متعمد في الجمهورية السوفيتية السابقة حيث تسعى قيادتها المؤيدة للغرب لإحلال اللغة الإنجليزية محل الروسية كلغة ثانية افتراضية في جورجيا القرن الحادي والعشرين. وشارك مئات لغتهم الأم هي اللغة الإنجليزية يوم الأربعاء الماضي في اليوم الأول للعام الدراسي كمدرسين مساعدين في إطار برنامج طموح يتحدث من خلاله الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة والسادسة عشرة الإنجليزية التي أصبحت الآن إلزامية بينما غدت الروسية اختيارية. والهدف من هذا البرنامج براجماتي على ما يبدو حيث تهيمن اللغة الإنجليزية في ظل العولمة التي تسود العالم بينما يبحث اقتصاد جورجيا المتعطش للاستثمار عن شركاء في تركيا والاتحاد الأوروبي. ويتوافق أيضا مع سياسة الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي لإخراج الدولة القوقازية التي يبلغ عدد سكانها 4.5 ملايين نسمة من دائرة النفوذ الروسي بعد عامين من حرب دمرت العلاقات الهشة بالفعل بين الدولتين الجارتين. وقال ديمتري شاشكين وزير التعليم وهو من الروس العرقيين في جورجيا لرويترز بالإنجليزية "نحن دولة مستقلة وشعبنا حر ومستقل. وهو الذي يختار اللغة التي يتعلمها." وتعتزم الحكومة توظيف ألف شخص الإنجليزية هي لغتهم الأم بنهاية العام بمرتب شهري قدره 500 لاري (272 دولارا) لتوظيف واحد على الأقل في كل مدرسة في وقت لاحق. ويتساءل منتقدون عن الحكمة في تراجع اللغة الروسية - التي لا تزال على الأرحج لغة التواصل بين الجمهوريات السوفيتية السابقة - إلى الترتيب الثالث. وقدر كبير من هذا التحول مسألة أجيال. فالطلاب الذين يدخلون الجامعة الآن ولدوا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991. وتأثير الثقافة الغربية والإنترنت قوي. وكذلك أيضا فإن هذا يعد أحد النتائج السياسية المترتبة على تدهور العلاقات السياسية مع روسيا منذ "الثورة المخملية" الجورجية في عام 2003 التي أطاحت بالحرس القديم المؤيد لروسيا وجاءت بساكاشفيلي ووزرائه المتحدثين بالإنجليزية إلى السلطة. والعلاقات التجارية في حدها الأدنى. وقالت شورينا شافرداشفلي رئيسة تحرير صحيفة الليبراليس الجورجية " هناك عنصر سياسي على ما يبدو وراء هذا." ومضت تقول "يجب تعلم الإنجليزية ولكن لماذا تستبدل بلغة أخرى؟ هذه جيرتنا والروسية هي اللغة المشتركة مع جيراننا." وفي الجامعة تتحسر تشوخونليده على حقبة تندثر من أجيال شبت وترعرعت على قراءة بوشكين وتولستوي ودوستوفسكي. وقالت "أخشى أن أحدا لن يبالي بعد سنوات قلائل عندما يرحل أجدادنا وجداتنا عن العالم." والإجابة بسيطة كما يراها نوجزار بارباكادزه طالب الرياضيات البالغ من العمر 20 عاما اذ يقول "يمكنني قراءة الكتب الروسية باللغة الجورجية."