مساندة أي فريق يواجه أي من الاندية السعودية امر خطير ويعد بمثابة التشجيع ضد الوطن ولا يقوم بذلك الا انسان فقد معاني الوطنية وذرة الاخلاص، وكثير بكل أسف يفصل ثوب الوطنية حسب ميوله ووفق اهوائه، فما يمقته اليوم يؤيده غد، وما يوافق عليه الليلة، يرفضه في ليال أخرى، لذلك اصبح كثيرون غير قادرين على تحديد بوصلة اصحاب الاهواء والميول، ومن يسعدهم خسارة الاندية المنافسة، وهي تمثل الوطن، بل ان هناك صحفيين ومنتسبين للاندية يغضون الطرف عن تصرف حدث اليوم، ويمقتون غدا تصرفا مماثلا. وما حدث في الفترة الماضية ليس له سوى تفسيرين: الاول ان هذه الجماهير فقدت الثقة بأنديتها وفرقها نتيجة تفوق الاندية المنافسة وسيطرتها على اجواء البطولات والاستمرار في خط المقدمة دائما، وعدم التخلي عن المراكز الاولى في كثير من المناسبات، لذلك فهي تعبر عن امانيها بسقوط هذه الاندية من خلال مساندة الغريب، وأي فريق يواجهها محليا ام خارجيا، او ان هذه الجماهير اصبحت اشبه بالاطفال الذين يغرر بهم ويدفعون الى «التسول» بحثا عن المادة من خلال اغرائهم بقبض نتيجة اتعابهم بعد نهاية كل مباراة يشاركون من خلالها بالتشجيع ضد فريق معين، وأذكر قبل 12 عاما كانت هناك مباراتان شهدهما استاد الامير فيصل بالرياض، الاولى اقيمت عصرا والثانية مساء، والملاحظ ان رابطة الجماهير تواجدت في العصر والمساء وساندت فريقين مختلفين، وهو ما يعكس ان الامر «مادي» ومن الممكن اذا ما تم اغراء هذه الجماهير بالمال ان تشجع اي فريق، وان تتخلى عن فريقها، المهم الحصول على ثمن الاتعاب. في كلا الحالتين فالامر يعكس ضعف عقلية هذه الجماهير، سواء بالفكر الرياضي، الذي يفترض ان يكون راقيا، وان يكون تشجيعها باتجاه واحد - اي: فريقها - الذي تنتمي اليه بعد ان يكون الوفاء والانتماء والاخلاص لمنتخبات الوطن، او بالتعصب تارة والانسياق خلف المال تارة اخرى، «التسول» لدى اي ناد يحتاج الى المساندة على طريقة «نظام التأجير» الذي ينتهي بقبض المقسوم بعد نهاية المباراة، ورفع شعار «والوجه من الوجه ابيض» بعد نهاية المباراة. لو كنت رئيساً لناد لانزعجت من ان تكون علاقة جماهير فريقي والفرق الاخرى اشبه بزواج المسيار، الذي يبدأ بعلاقة سرية وينتهي بنتائج ربما تفضي الى الطلاق الابدي، بعدما تدرك هذه الجماهير ان ما تقوم به ما هو الا عمل مرفوض، خصوصا اذا كان ضد اندية الوطن. يقول مدير جهاز الكرة في الغرافة القطري محمود الغزال هناك بعض الجماهير السعودية التي أرادت الدخول لمدرجات الغرافة بسعر التذكرة لدرجة أخرى غير الدرجة الممتازة، حسب ما رأينا، وكأنه بهذا التصريح يمقت ما حدث ويستهزئ به، وربما يقول في داخله - خصوصا عندما اشار بعبارة «هناك بعض الجماهير السعودية» - ان الغرافة لا يشرفه حضور مثل هذه الجماهير التي تشجع ضد بعض اندية بلدها، فهي ليس لها مبدأ. نحن مع أن تكون هناك جماهير ذواقة للاداء الكروي وان تتعاطف مع فريق معين، عندما يكون فوزه يخدم فرقهم، ولكننا ضد ان تتحول بعض الجماهير الى «جماهير مسيار» تساند من يفد الينا من خارج الحدود لمواجهة انديتنا، بكل تأكيد ان هناك متعصبين، وهناك اشخاص يتمنون ان يخسر الفريق المنافس اي مباراة يخوضها، ولكن على الاقل ألا يكون ذلك ظاهرا عندما يلعب هذا الفريق خارجيا، حتى لا يفتضح امره ويكون محسوبا ضد رياضة الوطن ومن يمثله. والغريب ان هناك من رفع شعار الدفاع عن مثل هذه الجماهير، واصبح يذكر بمواقف وتصريحات، وكأنه يقول استمروا على هذا النهج، وزاد بعضهم ان الذين ينتقدون تصرفات هذه الجماهير لم يتحدثوا عن تصريحات سابقة لمؤسس الهلال منذ فترة طويلة، ونسوا تصريح أمين عام أحد الاندية عندما تمنى ان يكون حكماً كي ينتقم لفريقه، ربما الفارق بين التصريحين ان الاول صدر من شخصية لها قيمتها ومكانتها وقامتها على مستوى رياضة الوطن، بينما صدر التصريح الاخير من شخص ليس له قيمة الا في ناديه. تصرفات «جماهير التسول» لم تفضح فكرها انما فضحت الذين باركوا خطواتها، ويطالبونها بالمزيد بطريقة غير مباشرة.