أكد مراقبون اقتصاديون ل"الرياض" على أهمية تعزيز ثقة المستثمرين بسوق الأسهم المحلي عبر إيجاد سياسات تحفيزية متعددة تمكن من هيكلة السوق من جديد، وقالوا إن طرح هيئة سوق المال للاكتتابات بوضعها الحالي وفي منتجات واحدة جعل السوق في حالة تشبع مما ساهم بضعف سيولة السوق في ظل اعتماد المستثمرين على التدوير والمضاربة. وطالبوا بنفس الصدد الشركات المحلية تطبيق مبدأ العمق الاستثماري والرؤية التحليلية في سياساتها المستقبلية والمؤدية إلى إبراز هويتها الاستثمارية والاقتصادية من خلال الالتزام بمبدأ الإفصاح والشفافية من قبل مجالس إدارات تلك الشركات. وقال المحلل المالي صالح الثقفي أن السوق تمكن من الحفاظ على تماسكه برغم الظروف الصعبة التي مر بها وبخاصة توقعات الحالة الاقتصادية العالمية والتي تشهد تذبذبا من شهر لآخر ملقية بظلالها على السوق المحلي. وتابع بأن تراجع المستويات السعرية في الأسواق العالمية يضغط على السوق المحلي لوجود استثمارات خارجية كبيرة للمستثمرين السعوديين متركزة بالأسواق الأمريكية والأوروبية وبمختلف أنواع الأصول والأدوات المالية. وأشار إلى أنه بالرغم من حتمية نمو الاقتصاد العالمي هذا العام واستقرار أسعار النفط عند المستويات المقترحة من أوبك فوق مستوى الستين دولارا للبرميل، إلا أن هذا لم يقنع الكثير من المستثمرين المحليين حتى الآن ببناء مراكز جديدة للاستثمار على المدى الطويل. خالد الجوهر ولفت إلى أن اهتمام المستثمرين في السوق المحلي ما زال جيدا بالرغم من الحذر الشديد وانتظار زوال كثير من الأسباب التي تؤدي إلى هذه التذبذبات المتكررة والتي أضرت بعدد من المستثمرين . وأضاف أن هناك العديد من الشركات القيادية أوضاعها غير مستقره الفترة الماضية وهي بحاجة لهذا الوقت لمعالجة مشاكلها المختلفة كما أن هناك إشكاليات أخرى تواجه بعض القطاعات وفقا للثقفي من أهمها تجنيب المخصصات للقطاع المصرفي وتحسين المركز المالي لشركات البتروكيماويات والتي أظهرت مفاجآت سلبية بسبب الظروف العالمية وظروف خاصة لبعض الشركات الحديثة والتي لم تتمكن من السير حسب الخطط الموضوعة مسبقا. وقال الثقفي إن هذا الوقت اظهر مشاكل لم يتوقعها المراقبون وبالتالي احتاجت اغلب الشركات القيادية هذه الفترة لإصلاح أوضاعها بالاضافة إلى أن الاقتصاد السعودي الفترة المقبلة سيدخل في ظروف مختلفة بعد أن تمكن من الخروج من غيوم الأزمات العالمية التي طالت جميع دول العالم وخرج منها بأقل الخسائر ولولا التضخم والبطالة المرتفعة لكان في أفضل حالاته. وشدد الثقفي في ختام حديثه على أن الرهان خلال الفترة القادمة سيبقى على الشركات التي ستتمكن من العودة إلى المسار المطلوب وهي التي ستبدأ بإرسال إشارات ايجابية في نتائج الربع الثالث والذي اعتبره الثقفي أهم ربع في النتائج منذ بداية التصحيح الاقتصادي عام 2008. وعلى صعيد متصل أكد المحلل الاقتصادي خالد الجوهر على أهمية وجود المحفزات الداخلية للشركات المحلية ذات الثقل والقيمة الاقتصادية الكبيرة لإبراز هويتها وملامح خططها المستقبلية معتبرا أن هذا الأمر في غاية الاهمية وذلك عبر معرفة أداء الشركات وسياساتها ونموها المستقبلي وذلك لدعم ثقة المستثمرين بهذه الشركات كما هو حاصل عالميا بدلا من سياسة عدم الوضوح المنتهجة حاليا للكثير من شركاتنا المحلية . وأبان أن تعزيز الثقة لدى المستثمر المحلي تستلزم العديد من الخطوات يأتي من أهمها التخلص من المضاربات ذات الحركة القصيرة والتي هدفها جني الأرباح السريعة والمعتمدة على بعض الأخبار الخارجية والتي أفقدت المستثمرين وفقا للجوهر هويتهم مما جعل سوق الأسهم المحلي تابعا في أدائه لأسواق أخرى ويتضح ذلك جليا عندما يصعد مؤشر السوق الأمريكي يصعد مؤشرنا المحلي وعندما يهبط مؤشر السوق الأمريكي يهبط مؤشر سوقنا المحلي . ودعا الجوهر الشركات المحلية إلى تطبيق مبدأ العمق الاستثماري والرؤية التحليلية في سياساتها المستقبلية والذي يستلزم إبراز هويتها الاقتصادية من خلال الالتزام بمبدأ الإفصاح والشفافية من قبل مجالس إدارات الشركات ومديريها التنفيذيين ودراسة أهداف الشركة المستقبلية والاستراتيجية وإعلان تلك الاستراتيجيات لطمأنة المستثمرين ممن يحملون أسهم تلك الشركات. وشدد بأن إدراج جميع الشركات المحلية بسوق واحد يعتبر أمرا خاطئا حيث أن الملاحظ حاليا في السوق وجود شركات ذات قيمة كبيرة وقيمتها أقل من قيمتها العادلة وكذلك وجود شركات ضعيفة وخاسرة وقيمتها أعلى من السوق مطالبا بنفس الصدد بفرز الشركات ذات الجدوى والقيمة الاقتصادية عبر إيجاد وتخصيص مؤشر خاص للشركات الجديدة مع الشركات ذات الأداء الضعيف . وفي نفس الصدد تساءل الجوهر من خلال تعليقه على الأوضاع الحالية للسوق "كيف لنا بناء الوعي للمستثمرين ونحن لم نهيأ مناخ الوعي والاستثمار لهم" مؤكدا بأن تصنيف الشركات وفرزها بالسوق المحلي يعطي تنظيما أكثر للسوق عبر فرز الشركات الكبيرة والصغيرة بمؤشرات تصنف أداء هذه الشركات بدلا من الوضع الحالي . وأفاد بأن طرح هيئة سوق المال للاكتتابات بوضعها الحالي وفي منتجات واحدة جعل السوق في حالة تشبع مما ساهم بضعف سيولة السوق في ظل اعتماد المستثمرين على التدوير والمضاربة مطالبا بضرورة قيام الهيئة بالمحافظة على السوق عبر إلزامية أن تكون التسوية وبيع الأسهم للمستثمرين والمتعاملين خلال فترة لا تقل عن يومين بدلا من وضعها الحالي للمحافظة على استقرار السوق .