عزا محللون اقتصاديون ما تشهده السوق المالية السعودية من استمرار في التذبذبات إلى غياب الثقة بشكل عام في الأسواق نتيجة لعدة عوامل تبتعد بطريقة أو أخرى عن النتائج المعلنة للشركات، حين أدى انسحاب معظم المستثمرين منذ أزمة 2006م إلى انخفاض عدد المحافظ النشطة الى ما نسبته 8% من إجمالي المحافظ خلال أربعة أعوام. وجاءت تأثيرات الأزمة المالية العالمية لاحقاً بصورةٍ أدّتْ إلى مزيدٍ من زعزعة ثقة المتعاملين في تعاملات السوق، أفضتْ مجتمعةً إلى ما تشهده السوق المحلية من حالة ضعفٍ ملفت وقياسي في قيمة تعاملاتها. صالح الثقفي وقال المحلل الاقتصادي عبدالحميد العمري ان التذبذب الكبير الذي شهده السوق في أسعار قطاع البتروكيماويات كأحد أهم القطاعات القيادية يعود إلى عددٍ من الأسباب؛ يأتي في مقدمتها ارتباط القطاع بالأوضاع والتطورات الحادثة في الأسواق الخارجية، والتي شهدت وتشهد بدورها الكثير من التقلبات وعدم الاستقرار نتيجةً لتداعيات الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها الشديدة على الثقة بالاقتصادات والأسواق. وأضاف العمري:"وكما هو معلوم لدى الكثير من بقية المتعاملين النشطين في السوق المحلية عادةً ما يقومون بعكس تلك التطورات أو التقلبات عبر قرارات الشراء أو البيع على مستويات الأسعار السوقية لأسهم الشركات المدرجة في القطاع، وهذا ما بدا مبكراً مع مطلع مايو الماضي 2010م حينما لاحظ المتعاملون بدأ التراجع على أسعار النفط والمشتقات البتروكيماوية بعد أزمة الديون الأوروبية بدءاً من اليونان، التي أدّتْ إلى إضعاف مستويات الثقة في نمو الاقتصاد العالمي، وزادتْ من الشكوك حول مستقبل الطلب على النفط، لتظهر تأثيرات تلك التطورات السلبية جلية على السوق بصورةٍ عامّة وقطاع البتروكيماويات بصورةٍ خاصة، إذ سجل القطاع تراجعاً كبيراً وصلت نسبته إلى أكثر من 27 في المائة، مقابل تراجع في قيمة المؤشر العام بنحو 17 في المائة ". وفيما يتعلق بتراجع قيمة التعاملات المسجلة في السوق، أرجع العمري تلك التراجعات إلى العديد من الأسباب الأساسية، من أهمها أن السوق ظلت تعاني طوال الأربع سنوات ونصف الماضية من تداعيات التراجعات الحادة في قيمة الأصول المدرجة في السوق المحلية (تجاوزت نسبة تراجعها معدل 70 في المائة في المتوسط مقارنةً بمستوياتها المسجلة في 25 فبراير 2006م)، ولهذا لوحظ تراجع قيمة التعاملات بنسبٍ ملفتة منذ ذلك التاريخ وصلت خلال الأعوام 2007م و2008م و2009م و2010م إلى 51.4 في المائة، و23.3 في المائة، و35.6 في المائة، و41.3 في المائة على التوالي، مبينا أن ذلك حدث على الرغم من الزيادة الكبيرة في عدد الشركات المدرجة طوال تلك الفترة التي وصلت إلى 65 شركة مساهمة، والزيادة الأكبر في عدد الأسهم المدرجة في السوق التي قفزت من حدود 15 مليار سهم مدرج في مطلع 2006م إلى أن وصل إلى نحو 39 مليار سهم مدرج، مضيفا :" ولا شك أن كل ذلك قابله انسحاب أو إحجام مؤثر في عدد المتعاملين النشطين الذين يُقدر عدد محافظهم الاستثمارية بأكثر من 8 ملايين محفظة استثمارية؛ لا تتجاوز نسبة المحافظ النشطة منها الآن كتعامل في المتوسط (3-5 أيام في الأسبوع) أكثر من 7-8 في المائة،وزاد من وطأته انسحاب موازٍ في عدد المشتركين في الصناديق الاستثمارية، الذين انخفض عددهم من نحو 600 ألف مشترك في نهاية فبراير 2006م إلى أن وصل عددهم في الوقت الراهن إلى حدود 243 ألف مشترك فقط، وجاءت تأثيرات الأزمة المالية العالمية لاحقاً بصورةٍ أدّتْ إلى مزيدٍ من زعزعة ثقة المتعاملين في تعاملات السوق، أفضتْ مجتمعةً إلى ما تشهده السوق المحلية من حالة ضعفٍ ملفتة وقياسية في قيمة تعاملاتها". وأشار المحلل المالي صالح الثقفي إلى نتائج الشركات في الربع الثاني التي كان من الممكن لها ان تكون بشكل افضل لولا بعض العوامل العامة والخاصة لبعضها،والتي اثرت بشكل ملحوظ على فرصها لتحقيق نتائج اقوى وان تحقق تقدما في تحسين وضعها المالي والفني والاداري ،والتي هي في حاجة له بعد ظهور مشاكل مختلفة لكثير من الشركات . وقال الثقفي ان القطاع المصرفي كان في حاجة لتحسين وضعه المالي، مشيرا لمعاناة المستثمرين من تدني اسعاره، مضيفا :" لجأت المصارف الى تجنيب المخصصات لمعالجة اخفاقاتها السابقة في تقدير طريقة عملها القديم وحجم المخاطرة الحقيقي في محافظها الاقراضية المعتمد على حسبة غير فنية عند تقديم كثير من قروضها والتي سببت نتائج ليست في مصلحتها وهي تقاوم تقديم هذه القروض لشرائح مهمة بسبب ما تعتقده من وجود خطورة عالية بالرغم من خسائرها مع الشرائح المفضلة لها، وهي امام ضغوط داخلية غير مفهومة اقتصاديا وظغوط خارجية ايضا لتقديم الخدمات التقليدية لباقي الشرائح، والان ما زال قسم جيد من هذه المصارف يدفع الثمن ومن الافضل ان تتخلص من هذه العوائق وان تتقدم في سعيها لاستغلال الظروف الممتازة حاليا". وعن أداء قطاع البتروكيماويات، أكد الثقفي أن المهم بالنسبة لهذا القطاع هو تمكن الشركات الجديدة من التغلب على مصاعب التأسيس والتشغيل، مرجحا ان يستمر التذبذب في نتائج القطاع لفترة اطول قد تصل الى نهاية العام وذلك ايضا للتذبذب المتوقع في الطلب على منتجاتها". وأوضح الثقفي أن الاسهم " الدفاعية " المعتمدة على الطلب المحلي أظهرت استقرارا ونموا جيدا، بسبب تحسن الحركة المحلية، مضيفا :" وهذا سيسبب استقرارا اكبر لاسعارها وقدرتها على تحسين توزيعاتها النقدية، بالتالي اتوقع ان تنحسر كثير من السلبيات وينعكس ايجابيا على النتائج المستقبلية، وان يتحسن اقبال المستثمرين على المدى المتوسط وان تتوقف هذه التذبذبات العالية في الفترة الاخيرة وتزداد كميات التداول عند ذلك". وأشار الثقفي إلى أن المخاطر التي رافقت الفترة السابقة قد بدأت في الانخفاض كثيرا بسبب تحسن المراكز المالية للشركات وتحسن الارباح الموزعة واستمرار نموها المتوقع وامكانية استغلال الظروف الاقتصادية الممتازة بشكل افضل من قبل.