** مررتُ خلال الشهر الماضي بمطارات واشنطن ومنيابولس وروشستر ولوس انجلوس في الولاياتالمتحدةالأمريكية ومطار باريس.. وتعرضت وآلاف المسافرين غيري للكثير من العناء في هذه المطارات سواء عند الدخول إلى مدنها أو أثناء الخروج منها وحتى عند مغادرتها.. ** وحمدت الله أنني لست من مدمني السفر وكثيري الترحال.. وبالذات بعد ان تركت كرسي رئاسة التحرير وما كان يتطلبه من حركة وسفر وتجوال مستمر.. ** كما حمدتُ الله كثيراً على أنني لم أكن من رجال الأعمال ومن المولعين بالحياة في الأجواء وتحت أزيز الطائرات.. وحرقان الدم المتكرر من جراء تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وذهاب مليارات الدولارات في حمأة تلك الأزمة.. ** فلقد أشفقت على نفسي وعلى عائلتي من (البهدلة) التي تعرضوا لها شأنهم في ذلك شأن ملايين المسافرين.. ** ولولا الحاجة الملحة للسفر إلى بعض البلدان لوفر الإنسان على نفسه كل تلك المعاناة.. وصور الحط من الكرامة الإنسانية.. و(المرمطة) اللامتناهية بفعل الإجراءات الاحترازية المبالغ فيها والتي تعمد إليها بعض المطارات العالمية للحيلولة دون وقوع أي أعمال إرهابية (حقيرة) تستهدف حياة الآمنين .. ومصادر ومقومات الاقتصاد الوطني.. منذ ظهرت على الخارطة منظمة القاعدة كموجة جديدة أعقبت موجة خطف الطائرات التي اضطلعت بها بعض المنظمات الإرهابية العالمية.. وبعض المنظمات فيما بين السبعينيات والثمانينيات.. وعرّضوا بسبب ذلك أمن العالم.. واستقرار المجتمعات .. وأرواح الأبرياء لأخطار حقيقية.. ** وأنا بهذا الاستعراض لا أحاول أن أجد مبرراً لأجهزة الطيران المدني في العالم لما فرضته من إجراءات (مرهقة) أبداً.. وإنما أريد أن أقول .. إن حالة الإرباك الشديد.. والرعب الواضح.. قد أوقعت تلك الأجهزة في أخطاء كبيرة وأظهرت عجزها بصورة فاضحة.. وحولت المطارات الدولية إلى مهزلة غير مسبوقة من شأنها ان تتسبب في كوارث عظيمة للركاب والمسافرين.. حيث انصرفت كل الجهود إلى النواحي الرقابية والتفتيش واستغراق الأوقات الطويلة في سلسلة اجراءات عقيمة بها الكثير من الفجوات التي تنذر بوقوع الأخطر والأدهى والأعظم.. بما فيها ضعف الاهتمام بصيانة الطائرات.. وتوفير أسباب السلامة فيها.. وكثرة الأعطال والاختلالات ! وتعطل الأجهزة أثناء الطيران.. ** والأعجب من كل هذا.. ان ينخفض مستوى الأداء في المطارات.. وتسوء الخدمات فيها وكذلك أثناء الرحلات الجوية بما فيها الطويلة منها.. حتى أصبح المسافر يشعر عند وصوله إلى المحطة التالية بأنه ولد من جديد .. وأن حياة جديدة قد كتبت له.. وانه لا يدري إن كان سيكمل بقية الرحلة ويعود إلى وطنه سليماً معافى أو ان يعود إليه في (تابوت).. ** وحتى (توابيت) الموتى تتعرض لأسخف الإجراءات وأصعبها.. وكلها إجراءات مليئة بالفجوات والأخطاء.. ويمكن لأي مجنون.. أو إرهابي أرعن.. أو إنسان يائس.. أن يخترقها بكل سهولة ويضاعف حجم المأساة.. ** ويخيل إليّ أن الكثيرين ممن يعملون في المطارات الآن لا يجيدون مهنة التعامل مع الركاب كآدميين .. ولا يلمون بفنون الخدمة الجوية المتصفة بالسلاسة.. والحصافة.. والدقة.. وكأني بأكثر من أصبحوا يعملون في تلك المطارات هم أناس لا شأن لهم بهذه المهنة.. وأنهم مجرد أدوات لا تفقه من أمر الخدمة الجوية الا تنفيذ تعليمات عمياء تتحكم في عملهم وفيهم أجهزة صماء.. وغبية.. غباء من يقفون وراءها.. ** وكثيراً ما توقفت أمام بعض موظفي الخدمة الجوية في تلك المطارات وأنا أتأمل تصرفاتهم .. وتوتر أعصابهم.. وأقول لنفسي (ياساتر استر) .. لأن حالة التوتر البادية عليهم قابلة للاستغلال والاختراق وتدبير الكوارث الجوية.. ** كما كنتُ أسأل نفسي.. هل يعقل أن يحدث هذا الارتباك في مطارات كبيرة كمطارات لندن ونيويورك وواشنطن وباريس..؟! ** وإذا كانت هذه الفوضى تحدث في هذه المطارات الكبيرة .. فمن باب أولى أن تحدث في مطارات أقل خبرة.. وأدنى تجهيزات.. وأندر تقنية.. ** والحقيقة.. انه لا التقنية.. ولا التشدد المبالغ فيه الذي تشهده مطارات العالم يستطيعان ان يواجها الإرهاب وأخطاره.. وإنما العلم والهدوء وحسن الإدارة واستخدام البرمجة العصبية لمن يعملون في المطارات هي الكفيلة بإعادة الأمور إلى نصابها.. وحفظ كرامة الناس من التعدي السافر عليها. *** ضمير مستتر: **(الخوف عدو الإنسان.. والمجرمون ينفذون منه لتحقيق أهدافهم بكل سهولة).