هذا نهار لاظلّ له إلا الليل ولا مقيل فيه الا متعب بانتظار الأصيل ... متعب كلنا أيها الأصدقاء .. ( شاعرٌ عند باب الحقيقة يكذبُ أو شاعرٌ مستحيل ) ...! *** منذ فجر الشعر .. يكتب الشاعر حين يحاول الدخول من ثقب إبرةٍ في يد عجوزٍ راعشة ، فيرى حينها كيف تضيق الرؤيا بالاتساع ، ويتسع المضيق للرؤيا ... يكتب اختلاف المتفق ، ونميمة اللحظة ، واستقامة الخطيئة ، ومثوبة الذنوب ، يكتب الشمس والشجر والأسماء والعصافير ، يكتب ليرسم في عينيه ذراعين للعناق ، ومدينةً للبياض .. وأصدقاء كفاكهة الصحو .. وحروفا تدخل أصابعها في فروة الغيم تهدهد شعر الكلام .. فتحاور الأنواء ، وتجاور النجوم! .. ثم تأخذ اللحظة ..كل اللحظة لسكينة الغيب ..وبشاشة النبلاء... هو أثرٌ أخلد من حياة وأبقى من مصير .. لا أعرف ما الذي يعنيه الشعر لأصدقائي الشعراء لكنني لست إلا شاعرا .. إن كنت يوما شيئا ما .. ربما كان ذلك إيمانا باللغة الشعرية ككائن قادر على فعل كل شيء ، لا على أداة مصنوعة سلفا ومعلبة بشكل يفقدها بكارتها فلا تحتفل حينها بسيلان أنوثتها على جدران السطور ... *** أحاول أن أتدثّر بطقوسي جميعها ، فليس في كل الفصول تعشب الأرض ، وليس في كل ليلة نلتقي القمر حينما نعشقه ...! من قال إن الرصاصة التي تخترق الصدر ظالمة دائمًا بينما كانت تبحث فقط عن أفقٍ حر تنطلق فيه، لماذا لانتهم الصدر باعتراضه لها ولو مرّة واحدة كي تقيد الجريمة ضد مقتول ..! بالفعل لاشيء نحبه كي نكره سواه ، ولا شيء ننتظره كي نضجر حينما يتأخَّر ، والحروف التي تنقلب على أعقابها بملاءات عاهرة ، وخطواتٍ مسبوقة لن تشكل يومًا إلا قاموسا للعصافير الخائفة .. فمسألة حيثيات الكتابة بوجهيها( الفكري والوجداني ) ..تبدو لي قضية نسبية .. فالنص الفكري أو الفلسفي .. تتم التهيئة له حتى تلتصق دائرة الرؤية والرؤيا ، فيظهر كالطفح على الوجه ..فتتوارى عن الناس لبرهة ريثما تغسل وجهك بالكتابة .. في حين تظل الشهقة الوجدانية وأعني بها نتاج ( المشاعر / الأحاسيس ) أنثى باذخة العطر لا تنتظر كثيرا لتكون حديث اللحظة ولغة المكان ... *** تمسكُ بي اللحظة من ياقة جرحي ، تشدُّه علي وتشدّني عليه لاشيء أسوأ من بعوضة بين الأذن والعين ، وصورة لاتستقر حينما تختفي ، أكثر الصور تأثيرا تلك المترفة بالألوان ، والغارقة في حمرة الخجل الأسود ، والنكوص نحو الظلال الصغيرة حيث البداية المقلوبة . قلت دائما ( لظلي ) كلما أجهده حزني لاتنزعج ثمة غصن متطرف سيموت فلا تحفل به .. اجتثه أيها الظل فور قراءة أوراقه الذابلة كأناملي ، والصفراء كالعاشرة بتوقيت جرحي .. اذهب أنت ونم وأنا حينما أشعر بضرورة النوم لن أطلب مزيدا من القهوة ولا سيجارة الإيحاء الشعري .. فقط سأحملك ، وآوي إلى ركن موحش في سريرٍ معطر لتنام روحي ملء جفونها .. ( ويسهر القلب جراها ويختصم )