هي إرادة الله أن يرحل الدكتور غازي القصيبي، في وقت نشعر أنه بئر متدفقة من الإبداع لم تنضب بعد، ندعو له بالرحمة وأن يبدله بخير من دار الفناء، الجميع حزن لموته، والجميع كتب عنه وعبروا عن مشاعرهم بفقده، وهذا ليس بغريب، بالذات إذا كان الفقيد جمع بين العلم والعمل، بعضهم توقف عند الرجل الذي تحمل العديد من المسئوليات الإدارية وكانت له بصماته الخاصة بها، ولهم الحق أن يتحدثوا عن الوزير المسئول صاحب القرار الجريء، بالنسبة لنا ككتاب فبكل تأكيد يهمنا غازي القصيبي المبدع المفكر المثقف، مؤلف الكتب العديدة في الشأن العام والإدارة والمختارات لشعرية، وقبل ذلك الشاعر المتميز ومن ثم الروائي والقاص وأيضاً المسرحي، هو إبداع شامل، والقصيبي رحمه الله، مثال حي بأن المبدع يستطيع أن يكتب شعراً ونثراً، ولكن من المهم أن يكون لديه الوعي بذلك النسق الإبداعي، لقد أعجبتني رؤيته في مقدمة المسرحية التي ألفها بعنوان «القفص الذهبي» وهي ربما ترد على نقاش طويل بدأ عندما أصدر روايته الشهيرة « شقة الحرية»، يقول بعد أن تحدث عن الدوافع التي جعلته يكتب مسرحية « القفص الذهبي»:عندما بدأت قبل بضع سنين أنشر أعمالاً روائية تساءل البعض كيف يمكن لشاعر أن «ينبغ» فجأة فيكتب روايات ..حسناً!، في العمل الإبداعي لا يوجد نبوغ مفاجىء. يوجد مجهود دائب صامت طويل يرى القراء نتيجته ولا يعرفون شيئاً عن مقدماته.هنا، في هذا العمل المبكر «القفص الذهبي» المقدمات التي انتهت، فيما بعد بأعمال فاجأت الناس» انتهى كلام القصيبي، هذه المسرحية صدرت في البحرين عام 1998م، ومنذ أيام وجه معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة بفسح وتوزيع جميع كتب الدكتور غازي القصيبي، وهو يشكر على هذه المبادرة المهمة، ولكن نحن نعرف واقع النشر العربي، فكثير من الأعمال الصادرة لا يتجاوز المطبوع منها الألف نسخة، وربما منها هذه المسرحية، فبكل تأكيد، ستصل نسخ محدودة وستنفد مباشرة، وربما سيكون هنالك شيء من المتاجرة بإبداع القصيبي بحيث تتعمد بعض دور النشر بزيادة النسخ المطبوعة وطرحها في السوق السعودي دون حقوق نشر، نريد مبادرة أخرى بطباعة أعمال القصيبي وغيره من رواد الأدب السعودي الراحلين وتوزيعها في جميع المكتبات بأسعار معقولة تدفع من يحب غازي القصيبي وما أكثرهم أن يقتني كل أعماله.