"من يعلق الجرس" ليس اسماً لعمل درامي أو لمسلسل كوميدي رمضاني جديد، ولكن سؤال أطرحه حال ما يتم صدور قرار لبعض الوزارات ولا ينفذ، فلا أعتقد وبشكل قاطع أن الكثيرين من الناس هنا يعارضون عمل المرأة، إذا علموا بأن هناك أسر فقيرة وبأمس الحاجة لعائل ومصدر دخل يعين هذه الاسرة على توفير لقمة العيش الكريمة في ظل هذه التحديات والتكاليف العالية للمعيشة، وهناك أسر كثيرة حرموا من وجود رجل أو مصدر دخل يوفر هذا العيش لهم، ناهيك عن مخاطر الحاجة والفراغ والبطالة وما يمكن أن تؤديه من انحراف ومخاطر كثيرة، فالعمل ليس كما يقال للرفاهية، بل إنه أصبح مطلبا رئيسا لكل أسرة والمرأة لها نصيب ودور فاعل في المجتمع، وليس من المقبول أن تكون البطالة بين السعوديات متفشية وتصل الى 26.4% وهناك حوالي 8 ملايين عامل أجنبي 30% منهم من النساء يتمتعون بهذه الفرص الوظيفية بدلاً من بنات الوطن، والبعض منهن في فرص وظيفية مناسبة للمرأة السعودية وليس بها محاذير شرعية، خاصة ونحن ندرك تماماً بأهمية هذه الفترة من بناء المجتمع والحاجات الماسة لتوفير فرص العمل لأمور أساسية وليست ثانوية كما يعتقد البعض. عندما صدر قرار تأنيث محلات بيع الملابس النسائية في القرار الشهير لمجلس الوزراء رقم 120 في عام 1425ه وتضمن فقرة صريحه بذلك، واجمع الكثيرون على هذه الضرورة بدلاً من هذه المحاذير والسلبيات الموجودة عند بيع الرجال الأجانب لملابس النساء، كثرت التأويلات والاحتجاجات حتى أوقف القرار عند وزارة العمل، ولم تستطع أو بالأحرى خشية التطبيق خوفاً من الملامة عليها أو بضغوط من التجار والمستثمرين أنفسهم الذين حاولو تعطيل القرار حوالي 6 سنوات ونحن نعاني من سلبيات احتكار الأجانب من الرجال وللأسف الشديد لهذه المهنه التي تناسبهن، في الوقت الذي يجاهدن للحصول على (1000) ريال راتب شهري ولا يستطعن الحصول عليه، الحال بهذا الوضع الى من يستطع أن يعلق الجرس؟، الأسبوع الماضي وفي محافظة جدة قرر مكتب العمل بها وبدعم وزارة العمل، تمكين المرأة من العمل (كاشير) في الأسواق المركزية الكبرى من خلال وضع حواجز مناسبة بين الرجل والمرأة أثناء العمل وأعطى القرار الحرية للأسر في التعامل مع المرأة أو الرجل في تسديد قيمة المشتريات عبر (الكاشير)، وقد وضعت وزارة العمل شروطا لهذه الشركات الراغبة في توظيف السعوديات في هذا المجال، خاصة وأن مجال البيع يحظى بحوالي مليون ونصف وظيفة لا يشكل السعوديون إلا 16% فقط، وهي فرص مناسبة للمرأة العمل فيها. من وجهة نظري الشخصية أرى في هذه الفرص مجالاً مناسباً للمرأة بعد توفير هذه الشروط، ومن جانب آخر من الأهم ألا تكون هذه الحواجز مكلفة على التجار والمستثمرين فيتهربون من القرار بتوظيف السعوديات واستخدامها عذرا في تعطيل هذه القرارات التي تحتاج إلى تطبيقها على أرض الواقع، ومسألة الشروط بالإمكان الاتفاق عليها بما يخدم الطرفين بالاضافة الى توفير إدارة نسائية تشرف على هؤلاء الموظفات، وأن يتم تطبيق نظام العمل على مثل هذه الوظائف خاصة ما يتعلق بساعات العمل المحددة والضوابط المرتبطه بذلك، الأهم هو المبدأ وأن حاجة المرأة للعمل فوق كل اعتبار، فليس من المنطق أن تكون هذه المرأة على الرصيف في وضع لا تحسد عليه تبيع بضاعه لا تتجاوز 300 ريال تكسب فيها حوالي 30 ريالا، وتخسر فرصة وظيفية مضمونة، وأمام الملأ والمتسوقين، براتب نتأمل ألا يقل عن 3000 ريال إن شاء الله، أعرف أن هذا المقال قد يثير حفيظة البعض نحو عمل المرأة، والمطالبة به، ولكن كما يقال الضرورات تبيح المحظورات، ونحن بحمد الله لا نراها بأي شك من المحظورات فهي حق وعمل شريف، وانقاذ أسرة تستجدي للحصول على لقمة العيش الكريمة بدلاً من التسول ومخاطر ومحاذير الحاجة والفقر، ستكون بإذن الله هي الرد المقنع لمن يرى غير ذلك. **خاطرة إن سألوكِ فقولي: لم أبع قلمي.. ولم أدنس بسوق الزيف أفكاري رحمك الله يا "د. غازي" فقد وصلت لعقول الناس قبل قلوبهم وما زالت حروفك معنا رغم رحيلك عنا..