أول ما يستعد به المسلم لشهر رمضان ، النية وتصدق بالاستعداد النفسي والعملي على هدي وتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه )"البقرة،185" ، مجددا كل لحظة ومعظما في نفسه لهذا الشهر الفضيل، بالإكثار من الدعاء قبل رمضان وبخاصة الأدعية المشهورة ( اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان )" مسند الإمام أحمد ،1/259" و (اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلاً)"الديلمي في الفردوس والذهبي في السير 19 / 51" . وحمل النفس الأمارة بالسوء ، على التنازل عن السلوك الغلط والنية على التوبة الصادقة من جميع ما اقترفناه من الذنوب التي ارتكبناها ،وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء . النفس هي العدو الخفي الثاني بعد الشيطان، فاحذر منها وهواجس النفس من هواجس الشيطان وخالف النفس والشيطان واعصهما ، فلنفتح صفحة جديدة وانطلاقة ومسيرة للعمل الصالح وإلى الأبد بإذن الله . ومن الاستعدادت ،المطلوبة نية ختم القرآن لعدة مرات مع التدبر والترتيل لا من باب السرعة والعدد ، قال تعالى ( وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث) ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْل الْأَوَّل فَيَكُون عَلَى مُكْث أَيْ عَلَى تَرَسُّل ، ولقوله تعالى (رتل القرآن ترتيلا ) رغبة في تحقيق أكبر سقف من الحسنات ولا يحتاج المؤمن أن ينبه أنه شهر يضيق فيه على عدونا اللدود إبليس مما يساعدنا على الخروج من تضليله، "روى البخاري ، 1899 " ، "ومسلم ، 1079 " ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ )"التمهيد لابن عبدالبر ، 16/153".قال "الحافظ ابن حجر" نقلا عن "الحليمي" يحتمل أن يكون المراد أن الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع الشهوات وبقراءة القرآن والذكر ، وقوله صفدت أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال وهو بمعنى سلسلت ، قال "عياض" يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل اغواؤهم فيصيرون كالمصفدين " فتح الباري ، 4/114" . ومن الاستعدادت نية تعديل الوجهة إلى الله بتصحيح السلوك القبيح من الكذب و الحسد والكبر إلى الخلق الرفيع والمعاملة الحسنة لجميع الناس وعدم هضمهم حقوقهم وليرفع شعار (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)"الترمذي ، 4/325" . ومن الاستعدادات نية العمل لتحسس حال إخواننا المسحوقين مستغلاً روحانية هذا الشهر رافعا شعار (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم )"الطبراني ، 2/54" ، فلنبدأ بأنفسنا و لنغير من سلوك عدم اللامبالاة بإخواننا . ومن الاستعدادت ، أن ننوي بإدارة النفس جهة الله ،(وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت ) "الأنعام،79" . ومن الاستعدادات ، المطالعة الروحانية وهي عبارة عن قراءة بعض الكتب الواصفة لحال السلف والصالحين وكيف يستقبلون رمضان فرحين مسرورين ، لكي تتهيأ النفس لهذا الشهر بعاطفة إيمانية مرتفعة . تكييف الحرم .. أمنية تتحق تناولت في مقال سابق ، بشأن تكييف الحرم المكي مبيناً أنه يوجد التكييف فقط في التوسعة الثانية والمسعى الدور الأرضي أما باقي الحرم لا يوجد به تكييف، وأعتقد أنني ملزم اليوم بتكرار الكتابة لا لمجرد المطالبة بالتبريد المركزي ، بل متجاوزاً بها للإشادة التي تليق بمقام ولاة أمرنا حفظهم الله ، من صدور الأمر باعتماد تكييف الحرم كاملاً على مدار السنوات الأربع القادمة ، وتأتي هذه الخطوة لما يقدمونه لقاصدي الحرمين الشريفين من خدمات. ويرغب الجميع من المسؤولين في الرئاسة بوضع خطة عاجلة ونحن في بداية هذا الشهر الكريم بتكثيف المراوح في الأروقة القديمة وباقي الحرم للتخفيف من شدة الحرارة ، وهو عمل مؤقت حتى يتم تكييف الحرم الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وفقه الله لما يحبه يرضاه. من الأثر انه سئل سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، عن المسافة بين الشرق والغرب ، فقال مسيرة يوم للشمس . وسئل عن المسافة بين الأرض والسماء فأجاب دعوة مستجابة . * جامعة أم القرى