كنت يا أبتاه في السبعين. وكنت أنا في التاسعة، أصغر أبنائك. كانت السيارة تقلنا إلى حيث نلتقي بأصدقائك قبيل الغروب في ضاحية من ضواحي المدينة. التفت إليك فجأة. وقلت: «أبي! لماذا لا تحبني؟!» تظاهرت، يا أبتاه، أنك لم تسمع السؤال، ولكنني رأيت وجهك يتقلص بالألم والدهشة. وشعرت بالندم وتمنيت لو استطعت أن أسترد الكلمات. أو أن أغسلها بكلمات جديدة. قطعنا بقية الطريق صامتين واجمين نبحر في أفكارنا الخاصة. كيف كان بوسعي، يا أبتاه، أن أشرح لك ما عنيت؟ أن أقول إن حاجز الاحترام بيني وبينك كان ينسيني في كثير من الأحيان أنني ابنك. أن أقول كم كنت أتمنى لو حملتني على كتفك، لو ضحكت معي، لو أخذتني في جولة على الأقدام، نحن الاثنين فقط. ووصلنا إلى حيث يجتمع أصدقاؤك. والتفت إليهم وبدأت تتحدث بانفعال: «هل علمتم ماذا قال لي (هذا) قبل قليل؟ سألني لماذا لا أحبه هل تصدقون؟ ماذا يريدني (هذا) أن أفعل؟ أن أعترف له أنني لم أحمل في حياتي صورة غير صورته (وأخرجت الصورة يا أبتاه من محفظتك)؟ هل يريدني أن أقول له كم أتألم عندما يمرض؟ وكم أشتاق إليه عندما أسافر؟ هل يريد أن أدلله؟ أن أفسده؟ سوف يكبر ذات يوم ويفهم». وضحك الأصدقاء. وغصت في غمامة من الخجل الأحمر. كبرت، يا أبتاه، وفهمت، وأدركت، يا أبتاه، كم كنت تحبني. يرحمك الله!