لا يستطيع أي إنسان أن يعيش بمعزل عن الجماعة وأن يد الله مع الجماعة لكن هناك أناساً يفضلون الوحدة فتكالبت عليهم الهموم والأمراض النفسية لم يجد هؤلاء أنفسهم في رحام الدنيا الصاخب لكن الأدهى عندما يفقد الإنسان الناس كل الناس فهذا أمر لا يطاق فكأني بهؤلاء كالذي يجلس هائماً على وجهه في صحراء شاسعة جدباء لا زرع فيها ولا ماء يرثى لحاله يقبع وحيداً فريداً يعد جدران المنزل جداراً تلو جدار في إحدى الزوايا لفظ كل شيء جميل ملاطفة الأقرباء ومصاحبة الأًدقاء صخب الحياة الممتع كل احساس جميل بالوفاء وبالإخاء بالألفة مع القريب والصديق والجار والزميل فهو يمتلك قلباً وضميراً ميتين إنسان يتعامل مع الآخرين باعتبارهم بعبعاً بل غول مخيف مرعب لا بشر يتميزون بخصال جميلة، لقد فقد أمثال هؤلاء الإنسان المروءة أي الإنسانية بكل ما تحمله من معاني الخير والنماء والجمال وما تحمله من مشاعر فياضة بالحب والرحمة وجمال الروح والبر والفطرة السليمة والاخوة الصادقة فقال تعالى: «إنما المؤمنون إخوة» وهم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً كما قال نبينا الكريم فبذلك أيها المتنكر للآخرين المزوي على نفسك أين قيمك؟ أين دينك الذي يدفعك لحب الجماعة وتقديم كل ما بوسعك لاسعادهم والوقوف إلى جانبهم في المسرات والمضرات يا للأسف لقد مل كره هذا الإنسان الإنسان طوى أعواماً وأعواماً فقد الاحساس ولا ونيس ولا من يرد الصوت ولا من يشكي له همه ولا من يشاركه أمره كأنه يناجي ظله فهو اختار ظله صديقا وصاحباً وحبيباً هو دائماً شارد الفكر تجده محتاراً بائساً كئيباً منكسراً وهكذا يا صديقي القارئ الكريم يتحول مثل هؤلاء المتيمون بالوحدة والعزلة من إنسان قتل كل ما عنده من عواطف جياشة وبذور الخير إلى جماد لا يحس ولا يتكلم كالرحى تدور بلا حب وكالسفينة بلا بحر أما أنا فتربطني بأخي الإنسان علاقة ميكانيكية، علاقة ود وأخوة صادقة وكل شيء جميل ارتضاه الله ورسوله هذه العلاقة الميكانيكية لا تتوقف أبداً إلا بتوقف الحياة عندما يتحول الجسد إلى رفات وضعت كفي بكف أخي اجتماعي الطابع وتجدني مبتسماً بوجه أخي ماسحاً دمعة يتيم باذلاً المال لمحتاجيه من المساكين والفقراء ماسكاً بيد كفيف لأدله الطريق مميطاً الأذى عن طريق العابرين واضعاً رجلي عند باب أقربائي ملقياً النكتة على مسمع الآخرين ليستأنسوا بي أنا كالناقة التي ألقت راعيها تدر له اللبن وهو يطعمها ويسقيها ترمقه بعين المحبة والألفة والصداقة تتبختر تضحك الناقة طرباً لراعيها الرؤوف الطيب يسرع الراعي فرحاً للقاء الناقة يركض نحوها يتحسس جسدها بيديه ما أحلى اللقاء الأخوي وما أروع اسعاد الآخرين أما أنت يا صديقي الفريد فقد تلاشيت في رحلة الحياة وأصبحت نسياً منسياً وأخشى أن أصبح مثلك فأتحول إلى شبح مخيف منفر.. إلى اللقاء.