عندما نتحدث عن السكان في المملكة العربية السعودية فإن الحديث ذو حساسية عالية وخاصة في ظل وجود تفسيرات تراثية لعمليات الإنجاب والتكاثر حيث بقي هذا الإرث دون مناقشة جادة حول التركيبة السكانية للمجتمعات الإسلامية بشكل خاص، ففي مجتمعنا تدل المؤشرات على نمو كبير في معدلات السكان خلال العقود القادمة، ولكن السؤال الأهم هو إلى أي مدى يجب أن يكون الحديث عن معدلات تزايد السكان من القضايا المحظور الحديث عنها..؟ مؤشرات السكان في مجتمعنا تطرح أرقاما حقيقية غير قابلة للتشكيك فهي أرقام ليست تنبؤية إنما هي أرقام حقيقية تطرح أسئلة كثيرة ومهمة أكثر مما تجيب عن أسئلة تحتاجها التنمية في السعودية ، نحن اليوم وبحسب تلك الأرقام لدينا ما يقارب تسعة ملايين وافد يعملون في المملكة بالإضافة إلى أكثر من ثمانية عشر مليونا من السعوديين كما أننا الأكثر نموا من حيث السكان في العالم ولذلك يظل السؤال الأهم هل هذه مؤشرات ايجابية أم أنها مؤشرات تحتاج إلى وقفات تراثية وثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية...؟ عند حلول العام 2020 م من المتوقع أن يكون لدينا ما يقارب خمسة عشر مليون فرد ذكورا وإناثا أعمارهم اقل من عشرين سنة وذلك وفقا لتوقعات عالمية للنمو السكاني في العالم، كما انه من المتوقع أن يصل عدد السكان بعد عشر سنوات من الآن إلى حوالي الثلاثين مليون نسمة بما في ذلك غير السعوديين بنسبة نمو قدرها 1.4%. نحن اليوم اقتصادياً قادرون في ظل حسابات حالية، ولكن أيضا لدينا القدرة على إطالة عمر التوازن بين التنمية ، والسكان في حالة بحثنا وبشكل صحيح تلك المؤشرات ووجدنا لها الحل..!. نحن بحاجة إلى عملية توعوية لإعادة تشكّل هرمنا السكاني من شكله الهرمي إلى شكل أسطواني مما يعني أننا يجب أن نبحث في آليات تنموية وثقافية وتراثية وعقدية تساهم في توعية المجتمع في العام 2050 م هناك توقعات اكبر لتزايد هذا الرقم وبنسبة نمو قدرها 0.7% ، ولكن بعدد سكان يقارب الأربعين مليون نسمة. عندما نتحدث عن مؤشرات السكان لهذا العام نجد أن معدل الخصوبة يصل إلى 2.4 لكل أنثى في السعودية وهذا يعني خمسمائة مولود تقريبا لكل ألف شخص في المجتمع، هذه التوقعات للسكان في السعودية جاءت متوافقة تماما مع النتائج الأخيرة للإحصاء السكاني في المملكة مما يدل على أننا سوف نحقق نفس النتائج على مستوى التزايد السكاني في الأعوام القادمة وحتى منتصف هذا القرن، ولكن السؤال القادم أيضا يقول: هل يجب أن نتدخل تنمويا من اجل إيجاد معادلة سكانية تحقق التوازن بين الفئات الاجتماعية (الأطفال ، الشباب ، كبار السن) ..؟ وهل نحن قادرون على ذلك..؟ هذا السؤال صعب جدا ويحتاج إلى إجابات متعددة ومن أطراف كثيرة فالتوازن السكاني يعني أن يحقق الهرم السكاني في المملكة الشكل لاسطواني بحيث تتوازن فيه الفئات العمرية من الأعمار صفر وحتى أعلى معدلات العمر التي يصل إليها الأفراد في المجتمع بشكل متقارب وليس متساويا، ولكن الإشكالية التي نعاني منها أن معدلات السكان لدينا، وخلال الأربعين سنة الماضية، تتشكل بطريقة هرمية عريضة عند مستوى قاعدتها بينما مدببة في الأعلى وهذا يعني أن صغار السن ومن تقل أعمارهم عن الأربعين عاما سوف يظلون يشكلون النسبة الأعلى بين السكان في هذا المجتمع. هذه المؤشرات لها دلائل تنموية مهمة يجب مناقشتها بكل وضوح مع كل المؤسسات الحكومية ذات العلاقة وخاصة المؤسسة الدينية التي يجب أن تدرك تلك العلاقة بين ارتفاع مستوى الخصوبة وتزايد أعداد السكان ، وبين متطلبات التنمية التي قد تصل إلى مرحلة العجز مع تقادم السنوات عند تلبية متطلبات مجتمع يسكنه أطفال وشباب فقط. في مجتمعنا يجب أن تكون الحاجة في عمليات التزايد السكاني محدودة ومقترنة بشكل دائم بعدد الوافدين وبمتطلبات تنموية فقط، ولذلك نحن لدينا عمليات تنموية مهمة ترتبط بقضية الإحلال؛ حيث يجب أن نطرح معادلة تنموية قابلة للتطبيق بين غير السعوديين والسعوديين؛ بحيث نرسم إستراتيجية واضحة لاستيعاب التزايد السكاني عبر فلترة مخططة للوافدين وإحلال السعوديين محلهم وهذه قضية مستعجلة. العالم اليوم يعاني من تزايد مفرط في عدد سكانه ولكن المسؤولية تقع على عاتق الدول نفسها فالحاجة اليوم إلى معادلة تنموية واضحة متطلب أساسي لدى كل دول العالم. في مجتمعنا ومع تزايد أعداد السكان وخاصة في الفئات العمرية الشابة تنشأ قضية ترتبط باستيعاب تلك الفئات مستقبلا وخاصة أن المؤشرات تدل على أن هذا القرن سوف يضع الكثير من الدول ومنها مجتمعنا أمام قضية تنموية معقدة فيما يخص فئات الشباب، لذلك إذا لم تتخذ تلك الدول إجراءات فعلية وتنظيمية لعمليات التزايد السكاني فسوف تصل إلى مراحل سكانية يصعب على تلك الدول التعامل معها تنمويا كما هو حادث اليوم في كثير من الدول. يجب أن تكون هناك معادلات تنموية حقيقية تأخذ في الحسبان مؤشرات النمو السكاني وتقارنها بمؤشرات التنمية بما فيها القدرة على توفير الغذاء والدواء والتعليم والتوظيف للأعداد القادمة من السكان خلال السنوات المقبلة. في الحقيقة الوقت ليس في صالح الدول التي تعاني من انفجار سكاني لديها وخاصة إذا كان هذا التزايد في فئات الشباب؛ حيث يولّد هناك ضرورة أساسية لمضاعفة متطلبات التنمية فهل نحن قادرون على خوض سباق تنموي مع تلك الأرقام القادمة؟ نحن اليوم اقتصادياً قادرون في ظل حسابات حالية، ولكن أيضا لدينا القدرة على إطالة عمر التوازن بين التنمية ، والسكان في حالة بحثنا وبشكل صحيح تلك المؤشرات ووجدنا لها الحل..!. نحن بحاجة إلى عملية توعوية لإعادة تشكّل هرمنا السكاني من شكله الهرمي إلى شكل أسطواني مما يعني أننا يجب أن نبحث في آليات تنموية وثقافية وتراثية وعقدية تساهم في توعية المجتمع لمعرفة التوقعات المستقبلية للسكان؛ بحيث يوجد لدينا توازن حقيقي بين الفئات العمرية ولا يكون الشباب هم الأكثر في مقابل الأطفال أو الشيوخ. يجب أن يكون هناك توازن تقريبي يجعل لدينا فئات سكانية متوازنة لا تستهلك التنمية وتثقل كاهلها لصالح فئة عمرية معينة على حساب فئات عمرية أخرى. على سبيل المثال دعونا نستعرض توقعات السكان في مجتمعنا بعد خمس سنوات من الآن لنتعرف على تلك المؤشرات التي من المتوقع أن نكون على استعداد للوصول إليها ليس بحساب الأرقام حولها وإنما بخطط تنموية شاملة لكل جوانب الحياة، فمثلا في العام 2015م من المتوقع أن يكون لدينا أكثر من خمسة ملايين طفل أعمارهم اقل من خمس سنوات أي ما يعادل سكان العاصمة اليوم، كما أن ضعف هذا الرقم تقريبا ممن تقل أعمارهم عن عشرين عاما سوف يتواجدون في مدارسنا. هكذا تشير التوقعات بعد خمس سنوات من الآن وأتمنى أن تخيب هذه التوقعات لأن مؤسساتنا الصحية والتعليمية بالإضافة إلى الخدمات الأخرى قد لا تكون قادرة على توفير متطلبات هذه الفئات ليس بسبب نقص في الموارد بقدر ما هو تباطؤ في التخطيط للمستقبل. هنا الأزمات الحقيقية التي قد تواجهها المجتمعات وخاصة أن مؤشرات التنمية في العالم تجعل منطقة الشرق الأوسط هي المنطقة الأكثر خطرا من حيث تزايد عدد السكان مما يعني فرص عمل أقل وبطالة أعلى وتنمية ذات خدمات متواضعة، فكما أشارت نشرة صندوق النقد الدولي الالكترونية في الأول من شهر ابريل من العام 2010 بأن القوى العاملة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سوف تصل إلى 185 مليوناً في العام 2020 بزيادة قدرها 80% على عام 2000 فإن هذا التوقع مرتبط أيضا بتوقع آخر له علاقة بزيادة معدلات البطالة في هذه المناطق مما يعنى فرصا اكبر ومساحات واسعة من الآثار الاقتصادية والاجتماعية في هذه المناطق المشار اليها.