غيّب الموت ظهر أمس الأول الشاعر الكبير الأستاذ أحمد سالم باعطب بعد معاناة صحية استمرت خمس سنوات، عانى خلالها من جلطات في المخ ألزمته السرير الأبيض وأدخلته في غيبوبة حتى أسلمت روحه لبارئها. وسيتقبل أبناؤه وذووه العزاء في الشاعر باعطب - رحمه الله - بمنزله الكائن بحي السلامة شارع قريش. والشاعر أحمد سالم باعطب يعد من أبرز الأصوات الشعرية السعودية التي برعت في كتابة القصيدة العمودية الكلاسيكية التي تميزت بالوحدة العضوية والصور البيانية المشرقة الباذخة، وينزع في بعض قصائده بروح حزينة تنبجس من عاطفته المشبوبة التي وافق خلالها بين رقة الصياغة ورقة القافية ومهارته الفريدة في العزف على الأوزان الشعرية كونه ممن يجيدون علم العروض، وبذلك فهو يدور في فلك الشعر الأصيل الذي يقدم قيمة فنية ترسمها صوره الشعرية تمثلت في براعته في تناول الفكرة وتطويعها إلى نص يلامس القلوب انبثقت من روح الشاعر وحاسته الرقيقة وتأمله في دروب الحياة. إن تجربة الشاعر الراحل خير شاهد على مكانته الشعرية في عالم قل فيه الشعراء وبقي فيه المتشاعرون. وتعامل الشاعر أحمد باعطب - رحمه الله - مع كافة أغراض الشعر العربي فدوزن للحب أروع القصائد وتغنى بالمدن السعودية وسجل اعجابه بجمالها ونظم قصائد ساخرة وأبدع فيها واستوقفته حال أمته العربية والإسلامية، ففاضت قريحته شعراً وألماً، كما كتب كثيراً من الأوبريتات الشعرية الوطنية. يذكر أن الشاعر أحمد سالم باعطب من مواليد عام 1355ه وحصل على بكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة الملك سعود عام 1386ه مع مرتبة الشرف، وعمل بعد ذلك مدرساً بالمرحلة الابتدائية ثم التحق بالخطوط الجوية العربية السعودية على وظيفة مدقق حسابات، ومنها انتقل إلى مؤسسة النقد العربي السعودي حتى أحيل إلى التقاعد عام 1409ه. لازم الشعر باعطب منذ يفاعته فأصدر خمسة أعمال شعرية هي: (الروض الملتهب) و(قلب على الرصيف) و(عيون تعشق السهر) و(أسراب الطيور المهاجرة) و(رباعيات مخضبة) وله ديوان شعري مخطوط بعنوان: (عندما تتعرى الأيام) إلى جانب كتابه الهام عن الأديب عبدالعزيز الرفاعي، وللشاعر باعطب ولع واهتمام كبير بالأوزان وعلم العروض وله مخطوطة في هذا العلم تحمل عنوان (رحلة في رياض الشعر والعروض). شارك الراحل باعطب بقريحته الشعرية في أغلب منصات الشعر في المملكة وذلك من خلال الأندية الأدبية وفي بعض العواصم العربية وحاز على جائزتين في الشعر كانت الأولى من نادي الطائف والأخرى من نادي أبها الأدبي. استوقف شعره كوكبة من ألمع النقاد والأدباء العرب منهم شكري فيصل وبدوي طبانة ومحمد بن سعد بن حسين وبكري أمين وعببدالفتاح أبومدين وصالح الوشمي ومحمد الشنطي وعامر العقاد ووديع فلسطين وحسن الهويمل وعبدالعزيز الرفاعي وأبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري وآخرون. رحم الله الشاعر الكبير أحمد باعطب الذي رسم للشعر الأصيل مكانة سامية وأبرز جماله عند متذوقيه.