الحمد لله القائل: «ويحل لهم الطيبات ويحرم عليم الخبائث» الأعراف آية (157)، والصلاة والسلام على النبي القائل: «إن الحلال بيِّن والحرام بيِّن... » وبعد: فإن التدخين من أقدم الظواهر الاجتماعية في العالم، وكان انتشاره يتفاوت من بلد إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر، أما في عصرنا الحاضر فأصبح ينتشر في المجتمعات انتشار النار في الهشيم، وهذا لم يأت من فراغ بل هو نتاج عمل مدروس ومشروع ضخم تصرف على ترويجه شركات التبغ الميزانيات الطائلة والدراسات المستفيضة والإغراءات العظيمة حيث كان سلاحها إعلاماً هابطاً وعملاء ساقطين، فكان لهم هذا النجاح في وقت غفل الناصحون والمصلحون عن الدور الواجب عليهم، لذا وقع الكثير من فئات المجتمع في شِراك تلك الحملات الموبوءة وخاصة الشباب الأغرار في وقت ضعف الإيمان في قلوبهم وساعد على ذلك القدوات السلبية من آباء وأقران. فهل يا ترى نستطيع الوقوف أمام تلك الحملات المحمومة والدعايات المغرضة أم يصبح دورنا وموقفنا موقف المتفرج على أغلى الثروات وهي تذبل وتحترق وتُفترس دون أي حراك. وللأسف فإنك تجد الدول الغربية المنتجة لهذا الوباء تكبد شركات التبغ خسائر فادحة ونكبات متوالية، وما كان هذا إلا بمواجهة مع الإرادة الصادقة والعزيمة الجادة التي تهدف للحفاظ على الصحة والمال فقط. وفي المقابل فإن شعوبنا الإسلامية والعربية عجزت عن تحقيق أي نتائج تذكر في وجه هذا العدو الذي فتك بفلذات الأكباد وأرهق خزائن الأموال وأضعف الإنتاج. لذا يجب على كل غيور على دينه وأمته ووطنه أن يكون له قدم سبق في مواجهة هذا العدو المتربص، فالمسؤولية عظيمة والأمانة كبيرة فكل بحسبه وطاقته، فهذا بجهده وهذا بماله وهذا بفكره وهذا بقلمه. أخي؛ الغنيمة كبيرة عندما تكون سبباً في حماية أبنائك وأبناء المسلمين من هذا الوباء، أو عندما تكون عونا لهم في التخلص منه. فما مقدار السعادة عندما ترى ذلك الشاب الذي استبدل مكان السيجارة سواكاً، وبدل أن يرتاد تلك المقاهي المشبوهة أصبح من رواد روضات المساجد، وكم هو الثواب والجزاء الذي ينتظرك عندما تكون سبباً في لمّ شتات تلك الأسرة التي أعلن ربها توبته وندمه فعاد مشفقاً عاطفاً على أبنائه وزوجته حصناً منيعاً لهم من هذه الآفات والسموم. أخي المبتلى بهذه العادة السيئة أهمس في أذنك فأقول: ارحم نفسك وتذكر قول ربك: «ولا تقتلوا أنفسكم إنه كان بكم رحيما» النساء، آية (29)، وقوله: «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» البقرة، آية (159)، فبادر مسرعاً جاداً غير مسوِّف وخلّص نفسك من هذه الآفة التي أوهنت جسمك وأضعفت عقلك وأرهقت مصروفك وجعلتك مصدر قلق وخطر على أسرتك ومجتمعك. إن زعمت أنك لا تستطيع الخلاص منها فهناك من سيساعدك ويقف معك، ألا وهم جمعيات ولجان مكافحة التدخين والتوعية بأضراره. إن كنت ولابد فاعلاً فتذكر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين»، فعندما تمارس هذه العادة فاستتر عن أبنائك وزوجتك وحتى أقرانك المدخنين. ختاماً نسأل الله أن نكون مفاتيح خير مغاليق شر، وأن يرفع هذا البلاء عن مجتمعاتنا وشبابنا وأن يحفظ علينا أمننا وعافيتنا ويكفينا كل شر ومكروه. * رئيس لجنة التوعية بأضرار التدخين بمحافظة الشماسية