الحياة إما أن تسير فيها بخط مستقيم أو خط متعرج .. ولا أظن أن هناك من البشر من سارت حياته كلها بخط مستقيم دون أن تكون هناك تعرجات باختياره أو مفاجآت بدون قراره. الإنسان هو خليط من المشاعر والأحاسيس والخبرات التراكمية .. تتكون شخصيته من مجموع تجاربه .. وكلما كان الانسان أكثر انفتاحا واطلاعا وثقافة كان لديه رصيد وافر من الخبرات المتعددة التي تفيده في تكوين شخصية قوية وواعية. الإنسان لا يعيش منفردا في هذا الكون .. لذلك لا يمكن أن يفكر بأنانية .. الحياة كيان جماعي مشترك .. الأفراد فيه يشكلون الجماعة .. والجماعة هي الكيان الثابت الذي ينمو ويتكاثر ويقوى بأفراده بولائهم وانتمائهم وانجازاتهم .. وهكذا هي الأوطان ،، تكوّنها مجاميع .. تغرس بها قيمها وأخلاقها ومبادئها وأصول الحياة فيها .. لذلك لكل مجتمع خصوصيته وعاداته وسلوكياته. حق الوطن على الأفراد الولاء .. وحق الأفراد على الوطن الانتماء .. لذلك تنمو الشعوب وتتطور اذا ما آمن الفرد والمجموعة بحقيقة الولاء والانتماء .. الأوطان تكونها الجماعة تعمرها وتنهض بها وتحميها حتى من أنفسها وأفرادها لو استحب بعضهم أن يعيش حياته بأنانية. نحن نختار الأرض لتصبح وطنا .. ولا تختارنا الأرض لنكون شعبا .. في هذه الأرض نغرس قيمنا واخلاقنا ومبادئنا .. نصنع فيها تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا .. نهديها أرواحنا لتحتضنها بعد زوال أجلنا .. نبذر فيها أحاسيسنا ومشاعرنا .. نلون سماءها بألوان الفرح الكامنة في دواخلنا .. قيمة الأوطان ليست بالأرض فحسب .. القيمة الحقيقية بما تحتويه تلك الأرض من مشاعر وقيم وأحاسيس وذكريات .. هذا هو الوطن .. الذي يسكننا قبل أن نسكنه .. يعيش بداخلنا قبل أن نعيش فيه .. وطن بكل المعاني والصفات. الفرد هو روح الجماعة .. والجماعة هي حصن الفرد .. بهم تقوى وتنمو وتتطور .. وكلما كان الأفراد أذكياء وأقوياء وجادين .. نمت الجماعة وازدهرت وتطورت .. وصارت كيانا قويا من الصعب تفكيكه. لايمكن للفرد أن يفكر بأنانية ، فهو لايعيش في عالم منعزل وحده .. الآخرون بحاجة الى مشاعرنا .. ونحن بحاجة الى الشعور بهم .. وما أجمل المشاعر والشعور حين يلتقيان .. وما أجمل الحياة حين تكون فيها معطاءً ولاتفكر باتجاه واحد فقط .. هنا تتحقق الايجابية الاجتماعية التي ننادي بها دائما .. ودمتم سالمين .