أود التوضيح منذ البداية أن هذه المقالة ليست موجهة بالكامل لوزارة العمل ولا لوزارة الخدمة المدنية فهي موجهة أيضا لجهات أخرى أهمها المجلس الاقتصادي الأعلى ومجلس الشورى وربما وزارة المالية. وأقول ان المفارقات والسلبيات في سوق العمل في المملكة تزداد يوما بعد يوم بسبب خلل هيكلي لم تدرس كيفية معالجته "بصورة شاملة" رغم أن غياب معالجة الخلل في سوق العمل وفقا لرؤية شاملة تأخذ في الاعتبار كافة الأبعاد هو السبب الرئيس لاستمرار مشكلة البطالة الرجالية والنسائية والبطالة المقنعة، وهو السبب في استمرار الفقر، مع التأكيد على أن توظيف مواطنين برواتب هزيلة مقارنة بمستوى الدخل العام، قد تقل عن الألفي ريال، وقد تصل إلى حدود الألف ريال في بعض الوظائف، وبخاصة في بعض المناطق الأقل نمواً (وذلك كما ورد في إحصاءات رسمية سبق استعراضها في هذه الزاوية) ربما يقلل من نسب البطالة، ولكنه يزيد من نسبة الفقراء، وهنا نبقى ندور في حلقة مفرغة. وهذا الخلل الهيكلي في سوق العمل يشمل القطاع الحكومي والقطاع الخاص ولا يمكن حل إشكالات العمل في القطاع الخاص بمعزل عن إشكالات العمل في القطاع الحكومي فعلى سبيل المثال مستويات الأجور في القطاعين يجب أن تكون متقاربة وعند التفكير في وضع حد أدنى للأجور في القطاع الخاص فإنه يجب التفكير أيضا في وضع حدا أدنى للأجور في القطاع الحكومي كما أن إشكالات توظيف النساء في القطاعين متقاربة. وشكوى القطاع الخاص من ضعف مخرجات التعليم مع غياب برامج التدريب الفعالة وضعف انتاجية الموارد البشرية تعاني منها أيضا الجهات الحكومية. ومن أبرز المفارقات أن الجهات الحكومية المعنية بالتوظيف (وزارة العمل ووزارة الخدمة المدنية بشكل رئيسي) هي نفسها لا يوجد فيها أعداد كافية من الموظفين المؤهلين للتصدي لمشاكل سوق العمل وتطوير الموارد البشرية السعودية الرجالية والنسائية، ولعل حل العديد من إشكالات سوق العمل يبدأ من تطوير الموارد البشرية في هاتين الوزارتين وزيادة عدد موظفيها مع منحهم حوافز خاصة بحيث تكون الوزارتان قادرتين على استقطاب الكوادر المميزة والمحافظة عليها.