في فصل الصيف يكثر ارتياد المتنزهات والمسطحات الخضراء ويحلو السمر لدى الكثير من الناس حتى أوقات متأخرة من الليل. ولكن الغالب على مرتادي هذه الأماكن من المتنزهين إهمال اتباع قواعد السلامة التي لا تكلفهم شيئا فتجد رمي المخلفات بطرق عشوائية وإشعال الحطب في أي مكان حتى ولو كان قرب مصادر الخطر وعدم إطفاء النار عند مغادرة الموقع التي ربما تسببت في اندلاع حريق يصعب السيطرة عليه الى غير ذلك من الممارسات اللاواعية التي كثيرا ما تسبب حوادث لا تحمد عقباها. وقصتنا لهذا اليوم تجسد مدى خطورة مثل هذه الممارسات اللاواعية من قبل بعض المتنزهين ففي احدى ليالي الصيف الجميلة قرر مجموعة من الشباب تناول طعام العشاء في احدى المتنزهات العامة والسمر فيها طوال الليل فقاموا بالاستعداد لها جيدا واختاروا لهم موقعا مميزا للاستمتاع بهذه النزهة . اجتمع الشباب في ذلك الموقع مبكرا حيث وصلوا الى المكان من بعد صلاة المغرب فاخذ كل واحد منهم دوره فمنهم من تولى مهمة السلخ ومنهم من تولى مسؤولية الطبخ وتولى احدهم مهمة إشعال النار والبعض تولى مسؤولية إعداد القهوة والشاي. كانوا مستمتعين في سمرتهم والبهجة والسرور تعلو وجوههم فكل واحد يؤدي مهمته بكل همة ونشاط. تناولوا طعام العشاء ثم تجاذبوا أطراف الحديث في تلك الليلة الجميلة واستمرت الأمسية حتى آخر الليل قضوا فيها أوقاتا سعيدة فكانت ليلة لا تنسى لكنهم وللأسف لم يتوجوا تلك الأمسية بتنظيف الموقع وإعادته الى ما كان عليه وإزالة كل ما قد يهدد سلامته بالخطر بل تركوا الموقع كأنه مرمى للنفايات فالمخلفات رميت هنا وهناك دونما إدراك وتركوا الجمر دون إطفاء ومن هنا بدأ الخطر فمعظم النار من مستصغر الشرر. بعد ان غادروا الموقع وكان ذلك قبيل الفجر بدأت الرياح تهب موفرة الأكسجين فاكتمل مثلث الحريق مما أعاد إشعال الجمر فبدأت النار تتوهج و تشتعل في العشب شيئا فشيئا حتى تفاقمت النيران وتتطاير لهبها وتعالت ألسنتها بشكل سريع ولا غرابة في ذلك فالعشب كما هو معروف سريع الاشتعال. رأى احد المارة النار تندلع فقام فورا بالاتصال على عمليات الدفاع المدني (998) . وصلت فرق الدفاع المدني وقد أحرقت النار مساحة كبيرة من الحشائش والأعشاب التي تزين ذلك المتنزه الجميل. بدأت فرق الإطفاء مباشرة أعمالها لإخماد النيران وقد بذل رجال الدفاع المدني مجهودا كبيرا للسيطرة على النار ومما صعب من المهمة سرعة الرياح التي أخذت تنشر الحريق هنا وهناك وبعد مجهود ليس باليسير تمت السيطرة على النيران التي اندلعت بسبب الإهمال من قبل هؤلاء الشباب الذين تركوا الجمر مشتعلا ظنا منهم ان النار البسيطة التي تركوها ستتلاشى وتنطفئ لوحدها ناسين أو متناسين ان النار لا يؤمن خطرها مهما كان حجمها. بعد هذا الحادث تحولت المساحات الخضراء الجميلة الى رماد.. تحول الجمال الى سواد.. تحولت المناظر الزاهية الى حطام.. أيها الأحبة لعلكم أدركتم من خلال هذه الحادثة مدى خطورة ترك الجمر دون إطفاء ولعلنا هنا ننبه الى قواعد السلامة الواجب اتباعها عند ارتياد المتنزهات والمتمثلة فيما يلي: ضرورة اصطحاب طفاية حريق. المحافظة على نظافة المكان وعدم رمي المخلفات والنفايات خاصة العبوات الزجاجية التي تسبب تركيز أشعة الشمس على الحشائش القابلة للاشتعال فتسبب الحريق جراء هذا التركيز. ضرورة إخماد النار قبل مغادرة المتنزه مهما كانت صغيرة حتى لا تسبب حريقا تصعب السيطرة عليه. اتباع الإرشادات والتعليمات الخاصة في كل متنزه.