عزا مستشار في العمارة إصابة بعض الناس في مدننا العربية بالمشاكل الصحية والأمراض المزمنة كالسكري والضغط وارتفاع الكولسترول إلى سوء التخطيط العمراني وإهمال التراث العمراني في المدينة العربية، الذي أدى إلى تغير في نمط حياة السكان باعتمادهم على السيارة وتناول الوجبات السريعة، وطبيعة التخطيط المعاصر حيث قطعت الطرق السريعة أوصال المدينة وقلّت أماكن المشاة في وسط المدينة. وأضاف الدكتور وليد احمد السيد الحائز على الدكتوراه في فلسفة العمارة ومدير مجموعة لونارد لأبحاث واستشارات العمارة والتراث بلندن، خلال محاضرة له ألقاها في محافظة الاحساء بمناسبة انعقاد المؤتمر الدولي الأول للتراث العمراني في الدول الإسلامية الذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والآثار برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، أضاف: "إن إهمال أو انقراض التراث العمراني والبشري يشكل خطرا على العمالة المحلية ويضرب أصالة وعمقا استراتيجيا لمفهوم التراث في مقابل العولمة والحداثة، ويهدد مصلحة الأقاليم المحلية في المدن العربية وعلى حساب اقتصادياتها". واستطرد قائلاً: من أبرز الظواهر التي لوحظت في المدينة العربية هي التحول التدريجي نحو "الحضرية" بشكل ملفت خلال الثلاثة عقود الماضية، في العام 1950 لم يتجاوز عدد سكان المدن في العالم النامي أكثر من 14%, فيما وصل هذا العدد مع بداية القرن الحالي إلى 40% ما يشير لعوامل الجذب المدينية وعوامل الطرد الريفية. وكان جهاز التنمية السياحية والآثار بالاحساء استضاف الثلاثاء الماضي ورشة عمل لحماية التراث العمراني بحضور عدد من رجال الأعمال والباحثين، بهدف الخطط الإستراتيجية التي تسعى من خلالها الهيئة العامة للسياحة والآثار بالعمل على حفظ تراث المملكة، وذلك ضمن الفعاليات المتزامنة مع المؤتمر الدولي الأول للتراث العمراني في الدول الإسلامية الذي تختتم أعماله اليوم الجمعة في مدينة الرياض. وبيّن المدير التنفيذي لجهاز التنمية السياحية والآثار بالاحساء علي بن طاهر الحاجي عند بدء الورشة، أهمية مشروع القرى التراثية والذي هو مبادرة من مبادرات "هيئة السياحة" ومجموعة من المشاريع التي تهدف إلى استرجاع تراث الأجداد في كل منطقة من مناطق المملكة، والاستفادة اقتصادياً من المقومات الموجودة من هذه البلدات، والقرى التراثية، والتي ستكون مشروعا للجذب السياحي بما يتعلق به من حرف يدوية وصناعات تقليدية. مركز المدينة الحضري يفقد أهميته مقابل مجمعات حديثة لا تعكس ذاكرة وحس المكان وأشار وليد دكتوراه في فلسفة العمارة إلى أن العاملين "التراث العمراني والعامل البشري"، ينبغي إعادة قراءتهما بمعطى اقتصادي إنتاجي بما يخدم هذين العاملين خدمة قصوى, وأن مسألة الحفاظ على الموارد والعمالة المحلية باتت على أعلى سلم أولويات الدول التي تهدف لحماية اقتصادياتها المحلية وبخاصة في الأقاليم محدودة الموارد، موضحاً أن التراث كمفهوم وكآلية أصبح مركزا مهما في الخطاب الثقافي والمعماري العربي وبخاصة في إطار الهوية والمعاصرة، ومع انتشار العولمة كظاهرة عالمية لها تداعياتها على الأمم والشعوب، بدأت صحوة العودة للتراث تجد طريقها لبعض الأمم وبخاصة في العالم الثالث وبين من يناهض أفكار العولمة وأسسها في غزو البنية التحتية للثقافات والشعوب الضعيفة وتفكيك بنيتها وتكوينها الحضاري. وشدد الدكتور وليد على أن أهمية العودة للتراث في خضم التحولات الكبيرة التي تشهدها المدينة العربية، لا تنبع من نظرة عاطفية للتغني بمظاهر من الماضي، لكنها تنبع من نظرة إستراتيجية لمحاولة عكس آلية تدهور المدينة العربية المعاصرة بنظمها وإداراتها المختلفة، وبخاصة مع تنامي ظواهر غير مسبوقة باتت تشهدها وتعكسها بسبب تداعيات العولمة الاقتصادية خصوصا، ومن هذه التداعيات العولمية مشاكل صحية وأمراض مزمنة كالسكري والضغط وارتفاع الكولسترول نظرا لتحور وتغير طبيعة التغذية للقاطنين باجتياح مطاعم الوجبات السريعة، مشيراً إلى أن من أبرز مشكلات المدينة العربية مؤخراً، أنّ مركز المدينة الحضري وقلبها التاريخي بدأ يفقد أهميته كذاكرة مهمة للمدينة وتاريخها وعراقتها في مقابل مجمعات معاصرة وحديثة لا تعكس ذاكرة وحس المكان أو الطابع المعماري العريق والأصيل. مدير سياحة الأحساء وعدد من الحضور خلال المحاضرة