في الثاني عشر من نيسان/ أبريل 2010، أصدر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI ) تقريراً تفصيلياً عن شركات السلاح العالمية، أشار فيه إلى أن أكبر 100 شركة منتجة للأسلحة قد حافظت في العام 2008 على الاتجاه التطوّري لمبيعاتها، حيث وصلت هذه المبيعات إلى 353 مليار دولار أميركي، بزيادة قدرها 39 مليار دولار على مبيعات العام 2007. وأشار التقرير إلى أن حجم المبيعات المذكورة يعادل ثلاثة أضعاف المساعدات التنموية التي قدمتها بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) في العام2008، والبالغة 120 مليار دولار. وقد حلت شركة (BAE Systems) في صدر قائمة المائة شركة الأكثر مبيعاً للأسلحة. وتوجد هذه الشركة في المملكة المتحدة، إلا أن أكثر من نصف أنشطتها يقع داخل الولاياتالمتحدة الأميركية.وقد ضاعفت مبيعاتها من سبعة مليارات دولار إلى 12 مليارا. وذهبت أكثر هذه المبيعات إلى الحكومة الأميركية. وشملت بصفة أساسية مضادات الألغام، وأجهزة حماية ضد الكمائن للمدرعات، تم استخدامها في العراق وأفغانستان. ما يجب العناية به بالنسبة لنا نحن الخليجيين هو ضرورة قراءة سياسة التسلّح في سياق المقاربة الكلية لأمن الخليج وتحديدا،ً كيفية توظيف التقانة العسكرية المتطوّرة لخدمة هذا الأمن، الذي يختزل اليوم قدراً هائلاً من التحديات أما الشركات التي جاءت بعد (BAE Systems)، من حيث حجم البيع، فهي على التوالي (Lockheed Martin)و (Boeing)و(Northrop Grumman)و (General Dynamics).وجميعها شركات أميركية. القفزة الكبيرة في مؤشر المبيعات سجلته شركة (Navistar) الأميركية، التي ارتفعت مبيعاتها بنسبة 960%، من 368 مليون دولار في العام 2007 إلى 3,9 مليارات دولار في العام 2008.وكان السبب في ذلك مشتريات وزارة الدفاع الأميركية،حيث اقتنت منها كميات كبيرة من الآليات المدرعة(M-ATV)،التي أرسلت إلى أفغانستان. شركة (Almaz-Antei) الروسية، المنتجة لأنظمة الدفاع الجوي، من طرازيْ (S-300) و(S-400)، كانت أول شركة روسية تدخل قائمة العشرين الأوائل بين شركات السلاح العالمي. وقد بلغ حجم مبيعاتها 4,3 مليارات دولار. كان معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام قد أصدر، في منتصف آذار/ مارس الماضي، تقريراً عن سوق السلاح العالمي، أوضح فيه أن الانتقالات الدولية للأسلحة التقليدية الرئيسية قد ارتفعت في الفترة بين 2005 – 2009، بنسبة 22% قياساً، بالفترة الممتدة بين 2000 -2004.وجاء ترتيب أكبر خمسة مصدّرين للأسلحة التقليدية في الفترة المشار إليها على النحو التالي:الولاياتالمتحدة ، روسيا،ألمانيا، فرنسا وبريطانيا. إلى ذلك، شهدت تجارة الأسلحة على الصعيد الدولي ازدهاراً وزخماً كبيراً في العام 2009. وفي السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، قالت وكالة تابعة لوزارة الدفاع الأميركية إن صادرات السلاح من الحكومة الأميركية لحكومات أجنبية قد ارتفعت بنسبة 4,7% لتصل إلى 38,1 مليار دولار في العام 2008. ومن المتوقع أن تدرك السقف ذاته تقريباً عام 2010.ووصلت نسبة الصادرات المرتفعة عام 2009 إلى 465% من أدنى نقطة وصلت إليها في العام المالي 1998. وجاء كثير من الصفقات الموقعة في العام المالي 2009، الذي انتهى في 30 أيلول/ سبتمبر، في إطار الزيادة الفائقة في مبيعات الأسلحة التقليدية الأميركية، التي بدأت في عهد الرئيس السابق جورج بوش.وارتفعت المبيعات في السنة الماضية إلى 36,4 مليار دولار في اتفاقات عام 2008 من 23,3 مليار دولار عام 2007.ومن المتوقع أن تصل مبيعات الأسلحة الأميركية إلى 37,9 مليار دولار في العام المالي 2010، الذي بدأ في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر 2009. وحسب خدمة أبحاث الكونغرس الأميركي، فقد احتلت الولاياتالمتحدة عام 2008 المركز الأول على مستوى صفقاتها مع الدول النامية، التي بلغت 29,6 مليار دولار، بنسبة 70,1% من إجمالي الصفقات.وكانت أكبر صفقة أبرمتها الولاياتالمتحدة مع الدول النامية، صفقة لنظام الدفاع الجوي بقيمة 6,5 مليارات دولار مع الإمارات العربية المتحدة.كما أبرمت الولاياتالمتحدة صفقة طائرة نفاثة مقاتلة مع المغرب بقيمة 2,1 مليار دولار. على صعيد الدول المستقدمة للسلاح، عززت إسرائيل خلال الفترة المشار إليها من ترسانتها البحرية والجوية، وذخيرتها الصاروخية على أنواعها.وتسلمت تل أبيب في أيلول/ سبتمبر الماضي غواصتين من طراز دولفين.وأضحت تملك خمسا من هذه الغواصات الألمانية الصنع. كذلك، حصلت إسرائيل قبل ذلك بعام واحد،على موافقة الولاياتالمتحدة لشراء 25 طائرة مقاتلة من طراز(F-35)، التي تنتمي إلى مقاتلات الجيل الخامس.كما مُنح الجانب الإسرائيلي فرصة شراء خمسين مقاتلة أخرى، من ذات الطراز.وأُعلن في وقت متزامن تقريباً عن عزم واشنطن بيع إسرائيل ألف قنبلة ذكية من نوع (GBU-39).وفي العام 2010، وقعت الولاياتالمتحدة اتفاقاً لتزويد إسرائيل بثلاث طائرات نقل عسكرية من طراز (C - 130).وهذا الاتفاق جزء من طلبية قد تصل قيمتها إلى مليار وتسعمائة مليون دولار، إذا نفذت كل الخيارات لشراء تسع طائرات من هذا الطراز. في منطقة الخليج، استحوذ الطيران الحربي على الجزء الأكبر من صفقات التسليح، التي شهدت انتعاشاً ورواجاً كبيراً، في السنوات الثلاث الماضية. وعلى خلاف ما حدث في مناطق أخرى من العالم، فإن الطائرات التي تم التعاقد عليها في الخليج هي في غالبيتها طائرات أوروبية. وباستثناء المملكة العربية السعودية، فإن بقية دول الخليج لا تمتلك حتى اليوم طائرات استطلاع ( أنظمة إنذار ومراقبة محمولة جواً - أواكس).كما لم تشمل صفقات التسلح الخليجية طائرات استطلاع من دون طيار.وهذه مسألة غير مفهومة حتى الآن. وعلى صعيد ثالث، بدت حصة أنظمة الدفاع الجوي من المشتريات الدفاعية الخليجية محدودة على نحو كبير، ولم تسجل سوى صفقة واحدة أو اثنتين في السنوات الأخيرة.وما عدا ذلك، كان داخلاً في الأصل ضمن سياسة الدفاع الأميركية في المنطقة. وأياً كان الأمر، فإن ما يجب العناية به بالنسبة لنا نحن الخليجيين هو ضرورة قراءة سياسة التسلّح في سياق المقاربة الكلية لأمن الخليج. وتحديدا،ً كيفية توظيف التقانة العسكرية المتطوّرة لخدمة هذا الأمن، الذي يختزل اليوم قدراً هائلاً من التحديات. وقبل ذلك، فإن السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه هنا، هو: كيف يمكن لدول المنطقة تأمين احتياجاتها الدفاعية المشروعة، بعيداً عن شبح سباق التسلح؟. إنه أحد الأسئلة الأكثر صعوبة في مقاربة أمن الخليج. إن دول الخليج معنية ببلورة مقاربتها الخاصة بالتسلح، على نحو أكثر ارتباطا بالاحتياجات الفعلية للمنطقة. إن البيئة الأمنية السائدة اليوم تبدو مغايرة على نحو كبير لتلك التي كانت سائدة في عقد التسعينيات، بل وحتى قبل عشرة أعوام من الآن.وإن أية مقاربة للتسلّح لابد أن تلحظ الواقع الجديد.