ثمّة سؤال يراودني كثيراً عندما أقرأ في الصحافة المحلية عن مشاريع تنموية تتعثر في مناطق المملكة المختلفة، ويزداد عجبي عندما تقدر تلك المشروعات الحكومية بأربعة آلاف مشروع متعثر أو متوقف تقدر تكاليفها بما يقرب من ستة مليارات ريال في وطن يعيش حالة من النمو ويحتاج لكل تلك المشاريع! وهذا يعني أنّ الدولة قد وفرت هذه المبالغ واستقطعتها من ميزانياتها بهدف إحداث حالة من التنمية الوطنية في مجالات متعددة، كما يعني أيضا أنّ القطاعات الحكومية المختلفة التي وجهتها الدولة بإجراء مزيد من مشاريع النمو في هذا الوطن العزيز قد عملت (الواجب عليها) فيما يتعلق بدراسة احتياجات الوطن في مجال أعمالها، كما درست عمليات التنفيذ لتلك المشاريع، وحددت المبالغ المطلوبة، والقدرات البشرية التي يحتاجها تنفيذ تلك المشاريع، وبناء عليه تم اعتماد المبالغ المالية المطلوبة لها.. إذن ما الذي يجعل المشاريع تتعثر أو تتوقف؟ وما الذي يجعل الوطن يحرم من تلك المبالغ المالية الضخمة التي تم رصدها لتلك المشاريع التنموية؟ هل يعني هذا أنّ تلك الجهات الحكومية لم تكن على مستوى يمكنها من التخطيط للمشروعات ودراسات جدواها وبالتالي تم تقديم مشروعات عالية التكلفة من خلال عمل اجتهادي!! وكيف تم إعداد التصاميم الهندسية لتلك المشاريع وكيف تم تحديد المواصفات الفنية لها وما شابه ذلك؟ وهل يمكن اعتبار تلك الجهات الحكومية صاحبة المشاريع المتعثرة دون المستوى المطلوب فيما يتعلق بمراقبة التنفيذ؟ أو أنها لم تكن على مستوى يؤهلها لتحديد ما تريد تنفيذه وأن المسألة ليست أكثر من طلب مبالغ مالية ترتفع بها ميزانياتها!! وإن لم يكن ما تم ذكره سابقا أحد مسببات ذلك التعثر فهل تتعلق المسألة بموضوع الإفراط في السماح للتعاقد من الباطن دون ضوابط فنية وقانونية كافية من خلال ما يمكن تسميته ب "التنازل عن المشروعات"!! وهي عبارة أعتقد أنها لا توجد إلا في عالمنا!! أم أن الموضوع يتعلق بتساهل بعض الأجهزة الحكومية في اتخاذ الإجراءات النظامية الرادعة بحق المقاولين المقصرين الأمر الذي أوجد بيئة مواتية للتلاعب والخلل وحرمان الوطن من ذلك الخير؟!.. وإذا كان الحال كذلك فإننا في نظري بحاجة ماسة إلى وقفة مراجعة ومحاسبة، حيث إن الزمن لا يسمح بمزيد من التغاضي أو "الغفوة"!! كما لابد في نظري من العمل على إعادة تصنيف المقاولين ومضاعفة العقوبات على المقصرين منهم والتشهير بأسمائهم، ومنع ما يمكن تسميته ب "مقاولون من الباطن"، وربما كان من المناسب إعادة النظر في مسألة المناقصات وأسلوب ترسيتها على المقاولين، كما أن القطاعات الحكومية مطالبة "وبشدة" في تنفيذ ما تم تقديمه من قبلها وحصلت على موافقات حكومية عليه ومبالغ مالية لتنفيذه بأن تقوم بالتنفيذ وفق ما قدمته من مراحل تنفيذبة، وعند الحديث عن المشاريع المتعثرة التي تقدر تكاليفها بما يقرب من ستة مليارات ريال فإن الخسارة الوطنية "في نظري" تتضاعف خاصة عند النظر إلى ما تحمله تلك المشاريع من فرص وظيفية لأبناء الوطن فضلا عما تحققه من نمو وطني وربما يكون من المناسب أن تدرس الجهات المختصة مناسبة أن تكون هناك جهة مركزية للمشاريع التنموية الحكومية عندما يحس ذوي الشأن أن عددا من جهاتنا الحكومية غير قادرة على إحداث التنمية بالشكل المطلوب الذي تسعى إليه حكومة هذا الوطن العزيز.