من يطالع القرارات الملكية الصادرة لإصلاح خلل ما، يلحظ أنها شاملة لمقدمة تمهد للإصلاح، وتعترف بأخطاء سجلت، كحادثة فيضان جدة؛ فالقرار وقتها، صدر بمقدمة قاسية، حملت عبارات صريحة في توجيه النقد للمؤسسات المسؤولة عما جرى، وهذا ما لم يعتد عليه المواطن السعودي من قبل. والحال استمرت أيضاً، بالقرار الحديث بإحالة المتهمين إلى جهات التحقيق المختصة، ومنها إلى القضاء. فمقدمة القرار أعلنت، بصراحة، عدم التساهل أمام المتهمين، ورفعت سقف التوقعات كثيراً. قرارات ولي أمرنا تحرجنا. وحيثيات ما يصدره من أوامر، تحرك الأسئلة المختبئة في دواخلنا. وتعزز ما نعتقده ونؤمن به بأننا شركاء في الوطن. وشراكة الوطن شاملة، ولا تعني مجرد الشراكة في سوق الأوراق المالية، والتي يحق للمواطن فيها حين شراء سهم واحد في أصغر شركة مساهمة، أن يطلع على مصاريفها الدقيقة، لكنه، في الوقت ذاته، مساهم في وطن كامل، ولا يجد من مصاريف هذه الوزارة وتلك، غير الرقم المعلن في الميزانية، فلا أحد يعلن التفاصيل، ولا أحد يستطيع الوصول إليها. من حق المواطن في عهد عبدالله أن يعرف التفاصيل الدقيقة لمليارات ذهبت لوزارة ما، كيف أنفقت، وإلى من ذهبت، وما الشركات التي استفادت من عقودها، وهل أهدرت بلا مقابل؟ ولعل أشهر عبارة في هذا السياق، كانت حين إعلان الموازنة المالية للعام الحالي، قبل أشهر، حين تحدث أبو متعب عن مشروعات ضائعة. وهي المقرة والمعتمدة مالياً، والمصروفة مستحقاتها، أعلن ولي أمر البلاد عن ضياعها، ومحملاً فريق الحكومة المسؤولية التامة. وهذا تصرف مدهش، شاهده المواطن على شاشات التلفزة، ولم يحاول خلالها أبو متعب أن يخفي الحقيقة، التي كانت تتداول في المجالس بصوت خافت. خطاب عبدالله بن عبدالعزيز الصريح والمباشر، يشجع المواطن دائماً على السؤال؛ لصراحته وقراراته وألمه عند المصائب. وفي كل خطاب، جرعة إضافية ليزيد المواطن مساحة مواطنته، وتنمية أوسع لمفهوم الشراكة. والخطاب الملكي، المواظب على صراحته، لابد أن يكون أنموذجاً لبقية المسؤولين، في كيفية التعامل مع الأحداث والوقائع، فيعترف المسؤول بالقصور حين يحصل، ولا يكابر، وينبذ من حوله الأفكار السلبية، الدافعة إلى التستر على الأخطاء. شكراً أبا متعب.