لقد أظهرت إحصائيات منظمة الصحة العالمية ولأول مرة في التاريخ، بأن هناك أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في المدن، وأكثر من ثلثهم يقطنون في أحياء تفتقر لبعض الاحتياجات الأساسية، حيث لا تتوافر لهم الخدمات الأساسية الكافية والأسوأ من ذلك أن هذه النسبة آخذة في التزايد. ومن المتوقع أن يعيش ثلثا السكان في المناطق المتحضرة بحلول عام 2030. ونظراً لأن التوسُّع الذي يجتاح المدن يمثل اتجاهاً سيصعب علينا تغييره إذا لم نسعَ جاهدين نحو المواجهة، حيث أصبحت تلك الأوضاع من أكثر التحديات إزعاجا في عالمنا الذي نعيش فيه، فهي تمثل واقعاً جديداً على الوضع الصحي العام. فالنمو المتزايد في المدن غير المخطط يعرض السكان لخطر متزايد سيؤدي حتماً إلى تدني جودة الحياة، وضعف التغطية الصحية إلى جانب ظهور مساكن غير آمنة، وضعف في الإصحاح البيئي ، وعدم مأمونية مياه الشرب، وارتفاع معدل التعرض للكوارث مما يسفر بالتالي عن زيادة خطر حدوث الأمراض والإصابات والوفيات لا قدر الله . ومن خلال إدراك هذا الواقع والاعتراف به.. أخذت منظمة الصحة العالمية بزمام الأمور للتصدي لهذا التطور الخطير والذي اعتبرته من أكبر التحدّيات التي يواجهها العالم في القرن الحالي. إن الاحتفاء بيوم الصحة العالمي هذا، شأنه شأن أيام الصحة العالمية السابقة يعمل على تكريس جهود المنظمة برمتها وجهود سائر شركائها للتركيز على قضية معينة. فالرسالة الرئيسية ليوم الصحة العالمي 2010 هي جعل الصحة من أولويات السياسة . فالتوسُّع بالمدن وزيادة نسبة سكانها ينطوي عليه العديد من التحدّيات الصحية التي سيؤثر بعضها على الصحة وأسباب العيش بالنسبة للسكان، بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ومن ثَمّ، فإن مشاركة كل الأطراف المعنية، وراسمي السياسات، والوزارات والشؤون الداخلية، البلديات، المحافظين، الداعمين، والمنظمات غير الحكومية ووكالات الأممالمتحدة، والإعلام، وفئات المجتمع فهي تعتبر عنصراً محورياً في تحسين الصحة في المدن. وفي هذا المضمار، فإن منظمة الصحة العالمية دعت مدن الإقليم إلى الانضمام إلى الحركة العالمية المسماة "1000 مدينة، 1000 سيرة حياة". فالأطراف الفاعلة الرئيسية لدينا في هذه المبادرة هي المدن الصحية. فكان هدف المنظمة في الإقليم هو الوصول إلى مشاركة 150 مدينة صحية تحت مسمى "المدن المعززة للصحة". فهذه المشاركة بالإضافة إلى سائر الأنشطة الأخرى ستعطي حافزاً لمشاركة الأطراف المعنية الفاعلة. ولتأكيد مشاركة المدينة، طلب من المحافظ، الحاكم الإداري بالمدينة المعنيّة ( رئيس اللجنة الرئيسية بالمدينة الصحية ) تسجيل اسم المدينة عبر شبكة الإنترنت من خلال الصفحة التالية: www.who.int/whd2010. وبمجرد التسجيل يتم تحديد هذه المدينة ويمكن رؤيتها من خلال موقع قوقل إيرث. ولضمان تنسيق الأعمال في جميع مدن الإقليم، أصدرت منظمة الصحة العالمية رسالة أسمتها "رسالة التعاون". وتمثل "رسالة التعاون" اتفاقاً بين محافظ المدينة، وممثل المكتب الإقليمي للمنظمة في البلد المعني ، وهي بمثابة الالتزام تجاه المدينة بمقتضاه تتولى المدينة تنظيم وتنفيذ الأنشطة المتعلقة بيوم الصحة العالمي. وتهيب منظمة الصحة العالمية بالمدن التي سجلت واستعدت لهذه الحركة "1000 مدينة ، 1000 سيرة حياة" أن تعمل على إبراز جهودها في تنفيذ تلك الأنشطة المعززة للصحة بشكل تنافسي وأن تخطط لأعمالها بشكل علمي وتظهر تقارير تلك الأنشطة بأسلوب منظم يتماشى مع هذه المنافسة العالمية. ومن المتوقع أن تمتد أنشطة حملة هذا المنافسة على مدى العام بكامله، حيث ستستمر إلى 7 نيسان/أبريل 2011. ولعلنا نذكر لكم في هذه الفرصة الأنشطة المقترحة والتي يمكن تنفيذها طوال العام وهي: · مسيرة الأسرة · سلوك أنماط الحياة الصحية · أيام الامتناع عن التدخين · غرس الأشجار والزهور والحملة البيئية · أيام التغذية الصحية · أنشطة التضامن الاجتماعي · أيام القيادة المأمونة · حملة الصحة المدرسية · إجراء الفحص البدني الروتيني بالمجان · المجتمع ومنتدى المحافظ · المسابقات الفنية لطلاب المدارس · مسابقات الفيديو والمقتطفات السريعة لطلبة الجامعات إلى جانب ذلك تم تقديم مجموعة من الرسائل والمعلومات حول يوم الصحة العالمي تناولت الجوانب المتعلّقة بموضوع هذه المناسبة . و نتطلع إلى إبداع تلك المدن في إظهار تلك المعلومات والرسائل بحيث نرى طيفاً واسعاً من المواد والوسائل التفاعلية المتعددة الوسائط التي يمكن تبادلها عن طريق شبكة الإنترنت والبريد الإلكتروني في إطار تبادل المعلومات، وتجميع المعلومات الارتجاعية ، بحيث يتم تحديث المعلومات بشكل مباشر على الشبكة. وبفضل من الله عز وجل كعادة هذا الوطن الغالي في صعود القمم سجلت مملكتنا الحبيبة ست عشرة مدينة صحية ، حيث اعتبرت منظمة الصحة العالمية هذه النسبة العالية من المدن تميزاً رائعا بين دول العالم مما جعلها تقدم شهادات شكر وتقدير لكل مدينة من تلك المدن ، وإننا على يقين تام من أن الدعم المنقطع النظير الذي نلمسه وبشكل دائم من أصحاب السمو أمراء المناطق ومحافظي المدن سيظهر أنشطة هذه المدن بالمظهر الذي يليق بمكانة المملكة العربية السعودية وسيضيفون على هذا اليوم نجاحاً باهراً بإذن الله. وفي هذه المناسبة يسرني أن أتقدم بالشكر الجزيل لكافة أهالي مدينة البكيرية الصحية على الدعوة الكريمة التي حظيت بها من قبلهم في بداية تدشين هذه المسابقة في المدن الصحية بالمملكة حيث لبيت الدعوة وشاركت في المسيرة التي انطلقت إيذاناً ببدء خطة المدينة المعززة للصحة .. حقا انها مشاركة مجتمعية فاقت التخيل حيث أبدى أفراد المجتمع إقبالهم واستعدادهم لإنجاح هذه المسابقة شاهدت التكاتف والتعاضد والتلاحم الذي أظهره الأهالي .. الكبير منهم والصغير إلى جانب تفاعل القطاعات الحكومية والخاصة من خلال الأنشطة المصاحبة لهذه المسيرة. ثم اطلعت على تفاصيل خطة العمل التي أعدت للمنافسة العالمية ، حيث تضمنت العديد من الفعاليات الصحية والبيئية والاجتماعية. فهذا ليس بغريب على تلك المدينة الحالمة .. فبهذا التفاعل أعادوا للذاكرة الإبداع الذي أبرزته هذه المدينة في مسابقة اليابان عام 2000 ومعرضها المميز في مدينة بلفاست في إيرلندا عام 2003 ومن المأمول أن تنال تلك الجهود التي بذلت في إعداد خطة مدينة البكيرية بإذن الله مكانة مرموقة أمام المدن العالمية المشاركة في هذه المسابقة. في الختام .. أتمنى التوفيق لكافة مدننا الصحية المشاركة وأن تحقق أهدافها المنشودة من جراء ما قدم من استعدادات ، وأتمنى أيضا من الجميع أن يجعلوا هذه المشاركة بداية لاستمرار التنافس الرامي للنهوض بكافة الجوانب الصحية والبيئية والاجتماعية والاستفادة قدر الإمكان من هذه المناسبة فهي فرصة للتطوير في مستوى التخطيط الاستراتيجي الإقليمي والوطني ، فإن ذلك سيسهم بمشيئة الله في تحسين الصحة وجودة الحياة في المدن ، والحد من المخاوف الصحية ، وتحسين الأوضاع في الأحياء التي تتطلب مزيدا من الاهتمام ، وزيادة الوعي وتفعيل دور المشاركة المجتمعية الرامية لتعزيز الصحة.