صار الوقوع تحت وطأة التوتر العصبي حدثا يوميا تقريبا.. فالعمل قد يكون سببا لذلك، وربما كان عدم استقرار الوضع الاقتصادي سببا آخر له، وغالبا ما يصاب المرء بالتوتر العصبي بسبب مشكلات في العلاقات الشخصية.وفي بعض الأحيان يساعد أخذ قسط من الراحة في تخفيف حدة التوتر العصبي، وعلى أي حال، نادرا ما يعتبر التوتر العصبي خطيرا في الواقع، غير أن المرء يمكن أن يعرض نفسه، وآخرين، للخطر أثناء وقوعه تحت وطأة هذه الحالة، عندما يزداد إفراز الأدرينالين في جسده ويرتفع معدل نبض قلبه في أثناء قيادة السيارة. وللتوتر العصبي آثار مختلفة، فالسائق المصاب بهذه الحالة وهو متجه إلى موعد عاجل سرعان ما يتملكه الغضب إزاء السائقين الآخرين الذين يقودون سياراتهم بسرعات أبطأ أو عند مواجهة أي عوائق أخرى، ومن ثم تقل قدرتهم على التركيز.وأشار أولريش تشيلينو، المتخصص في علم النفس المروري لدى اتحاد السيارات الألماني، إلى أن "العجز عن معالجة المعلومات (في الدماغ) يتسبب في أكثر من 50 في المئة من كافة الحوادث المرورية.. حيث يتم تقييم الموقف بصورة خاطئة أو لا يتم إدراكه في الوقت المناسب".من السهل معرفة العوامل المسببة للتوتر العصبي، ويضرب الفريد فور مثالا على ذلك لتلميذ لم يعانِ قط من أي مشكلة عند تلقي دروس الرياضيات في الفصل الدراسي، غير أنه رغم ذلك عانى من التوتر العصبي أثناء الاختبارات.وقد تؤثر ظاهرة مماثلة على السائقين الذين صارت حركة المرور في الطرق أمرا روتينيا بالنسبة لهم. ويقول فور: "يصاب المرء بالتوتر العصبي عندما يواجه حدثا لا مفر منه ولا يمكنه السيطرة عليه" وقد يكون هذا الحدث موعدا لا يتعلق أحيانا بالعمل. واستشهد فور بمثال آخر لرحلة إلى إحدى الوجهات السياحية لقضاء عطلة. فالرحلة ، بحكم تعريفها تقريبا ، ينبغي أن تساعد على الاسترخاء ، بيد أنها رغم ذلك تسبب التوتر العصبي في حال سعى الشخص الذي يقضي عطلته الى ادراك موعد رحلة بحرية على متن عبارة وأعاقته حركة المرور أو بعض أعمال الطريق. وأوضح فور قائلا: "في مثل تلك الحالات ، دائما ما تتبادر إلى أذهان السائقين أفكار هدامة" تصرفه عن مهمته ، وهي القيادة تحديدا ، بل يمكن أن يدفعه استعجاله تحت وطأة مرور الوقت إلى التهور والمجازفة ، مما يؤدي إلى ارتكابه أخطاء أثناء القيادة تعرضه إلى حادث. وحذر فور قائلا: "إن الأخطاء الناجمة عن التهور والتي ترتكب أثناء القيادة قد تكون قاتلة". ولا يقلل التوتر العصبي من القدرة على التركيز فحسب ، بل ربما يدفع السائق أيضا إلى سرعة الانفعال والتصرف بصورة تنطوي على مخاطر أكبر للوصول إلى وجهته المقصودة في الموعد المحدد. وفي المواقف المسببة للتوتر ، من المهم أن يراقب الركاب السائق أو أن يدرك الأخير أنه يقود تحت وطأة التوتر.ويمكن أن يقود التصرف المناسب الشخص المتوتر إلى بر النجاة ، كأن يوقف السائق سيارته ، على سبيل المثال ، عندما يصبح الوقت ضيقا للغاية يعجز معه عن ادراك الموعد.وينصح راينر هليغارتنر ، المتحدث باسم نادي السيارات الألماني (إيه.سي.إي) ، بأن يوقف السائق سيارته على جانب الطريق ، ويتصل هاتفيا بالشخص الذي على موعد معه ، ليخبره بأنه قد يتأخر قليلا ، بدلا من الضغط بقوة أكبر على دواسة البنزين. فذلك التصرف البسيط يخفف سريعا من التوتر العصبي.ويمكن للشخص الذي يقضي عطلته ويسرع للإلحاق بعبارة للقيام بنزهة بحرية أن يجري ببساطة اتصالا هاتفيا بالجهة المعنية ليعرف موعد الرحلة التالية ، ومن ثم يقود المسافة المتبقية إلى الميناء بهدوء. وفي العديد من الحالات يمكن الحيلولة دون الإصابة بالضغط العصبي. فبدلا من إقناع المرء نفسه بأنه يمكنه الوصول بطريقة أو بأخرى إلى مكان ما خلال فترة معينة ، يقول هيلغارتنر إنه ينبغي أن يمنح نفسه مزيدا من الوقت حتى لا يؤخره أي ازدحام مروري محتمل مما يصيبه بالتوتر. وينصح تشيلينو السائقين بتعلم كيفية التصرف السليم في المواقف المسببة للتوتر العصبي ، بدءا بإدراك أن التوتر يؤثر على القيادة ويمكن أن يؤدي إلى الوقوع في أخطاء خطيرة فيما يتعلق بتقييم الموقف. كما ينبغي تجنب إلقاء اللوم على أشخاص آخرين. وأشار تشيلينو إلى أن "العديد من السائقين يعتبرون أنفسهم ضحايا ، ويقولون إن حركة المرور وراء شعورهم بالتوتر". ورغم ذلك ، لا يتعمد السائقون الآخرون القيادة ببطء لإعاقة السائقين المتوترين ، فربما يعانون هم أيضا من التوتر العصبي لكنهم تعلموا أن الضغط على دواسة البنزين لا يجدي نفعا.