أظهرت نتائج دراسة حديثة لكشف الصعوبات والمشاكل التي تواجه مشاريع البنية التحتية بالمملكة أن تجاوز الوقت والتكاليف كانا سببين رئيسيين وراء تأخير 850 مشروع بنية تحتية من أصل 1035 بين عام 1992م و2009م، ومن بين المشاريع التي تم إنجازها خلال الفترة المذكورة فقد شهد 41% منها تجاوزاً في التكلفة و82% منها تجاوز وقت التسليم المحدد للمشروعات. وعزت الدراسة الأسباب الرئيسية لتجاوز الجدول الزمني والميزانية إلى نقص التخطيط والتصميم، بالإضافة إلى تصاعد التكاليف المادية، في حين أن العقوبات التنظيمية وحيازة الأراضي تم تحديدها كأكبر عائق خارجي يضر المشاريع بشكل عام. وقد صرح وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف مؤخراً أن هناك مشاريع متعثرة حاليا وهي تحت المتابعة المستمرة، مبينا أن هناك قرارات حكومية صدرت وساهمت في تسهيل عملية تنفيذ تلك المشاريع، بما في ذلك الاستعانة بالشركات العالمية وتشجيعها للدخول في قطاع الإنشاءات السعودي. 41 % من المشاريع شهدت تجاوزاً في التكلفة.. وضخ الأموال التحفيزية لا يقدم حلولاً لتحديات التنمية وعطفا على تصريح وزير المالية فيما يتعلق بأسباب التأخير في تنفيذ المشاريع وتسليمها، فقد أشار 83% من المجيبين على استبيان كي بي ام جي غالبيتهم من السعودية إلى أن السبب الرئيسي في تأخر هذه المشاريع هو التغيير المتواصل لطريقة تصميمها، بينما 75% من المشاركين أرجعوا سبب التأخير الرئيسي إلى صعوبة اللوائح التنظيمية، بالإضافة إلى تملك الأراضي. ويشير الاستطلاع الذي استهدف 300 قيادي في شركات كبرى حول العالم أن تصاميم المشاريع ذات التكلفة العالية هي أحد أكثر الأدوات فعالية لمراقبة المشاريع فيما تعتبر التقارير المرحلية واحدة من الأدوات الأكثر استخداماً لرصد ومراقبة تقدم المشاريع. وتعليقاً على الموضوع قال ل "الرياض" عبدالله الفوزان رئيس مجلس الإدارة والشريك الرئيسي لشركة كي بي ام جي السعودية إن مشاريع البنى التحتية التي نفذتها الحكومة قد ساهمت بشكل كبير في دفع عجلة الاقتصاد السعودي، مؤكدا أن تسليم الشركات للمشاريع في وقتها المحدد والميزانية المقدرة يعد أمراً ملحاً لدعم سياسات الحكومة في هذا الاتجاه، وعلى الشركات المحلية المنفذة للمشاريع الكبيرة وضع قواعد صارمة لتنفيذها في الوقت المحدد وبالتكاليف المقدرة خصوصاً مع دخول منافسين عالميين للسوق السعودي، وبإمكان الشركات المحلية في قطاع الإنشاءات منافسة نظيرتها الأجنبية من خلال الاستفادة من قدرات وإمكانيات الشركات الاستشارية العالمية. وتضمنت الدراسة استطلاع 392 شخصاً من كبار المسئولين من القطاع الحكومي الذين لهم دور ملموس في اتخاذ القرارات بالنسبة لسياسة البنية التحتية والشراء أو التطوير على المستوى العالمي. ودعت الدراسة إلى أهمية الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص عن طريق الجمع بين وجهات نظر وآراء هذه المجموعات الثلاث، مما يمكن من الحصول على صورة أفضل لمدى مستقبل الصناعة، حيث يرى كبار رجال الأعمال أن عدم وجود البنية التحتية سبب رئيسي لانهيار الاقتصاد بشكل عام، وهناك شعور لدى مقدمي مشاريع البنية التحتية وتطويرها بأن الجهات الحكومية لا تستجيب بشكل مناسب، في حين يعتقد مسؤولو القطاع العام أن عرض التحفيز هو حل غير مناسب إلى أن يتم إيجاد طريق إلى الأمام قد يؤثر تطوير البنية التحتية سلبياً على النمو الاقتصادي المحتمل في جميع أنحاء العالم، وبالتالي فإن الحل ينبغي أن يشمل القطاعين العام والخاص للعمل سوياً للتخلص من الأزمات والتحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن. ويرى المشاركون أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية دفعت العديد من الحكومات إلى إطلاق خطط تحفيز الاقتصاد والتمويل المباشر من أجل البنية التحتية، إلا أن هذا التمويل الأولي يضعنا على خط البداية في مواجهة التحدي على المدى الطويل لتلبية احتياجات البنية التحتية العالمية من وجهة نظر القطاع العام، كما يتجلى في نتائج هذا الاستطلاع، فإن عدم كفاية الأموال التحفيزية واضح فيما يتعلق بمعالجة الاحتياجات صغيرة الحجم نسبيا، حيث إن قلة وجود استقرار وكفاية الموارد المالية على المدى الطويل تعتبر لدى المجيبين عقبة كبرى في طريق الاستثمار في البنية التحتية. ومن حيث خطط التحفيز فإن الإنفاق السريع والإنفاق بشكل جيد يعتبر تحدياً في حد ذاته، حيث إن الحكومات على المستوى العالمي تريد الأموال التحفيزية بشكل يؤدي إلى خلق أكبر تأثير ممكن على المدى القريب، وفي نفس الوقت رفع القدرة الانتاجية للاقتصاد المحلي على المدى البعيد، وفي غالب الأحيان يستحيل تحقيق هذين الهدفين، وبوجه خاص في حالة بناء مشاريع جديدة. وقال المشاركون إن فعالية الحكومات هي قضية ليست فقط في نظر القطاع الخاص، بل أيضاً مسؤولو القطاع الحكومي الذين شملهم هذا الاستطلاع يعترفون بأن القطاع الحكومي يستطيع أن يقدم أفضل بكثير بهذا الخصوص، حيث إن المجيبين على الاستطلاع اقترحوا وضع المزيد من التركيز على التدريب، وزيادة الشفافية والاحتساب والنزاهة، وكذلك الأخذ بعين الاعتبار السياسات القصيرة المدى حين وضع إجراءات التخطيط لأفضل السبل لإدارة البنية التحتية على المدى الطويل. 41% من المشاريع الإنشائية تجاوزت التكلفة و82% تجاوزت وقت التسليم كما أن لأهداف المتنافسة والحوافز المضللة تعتبر تحدياً كبيراً، حيث وجود هذه الظواهر في الأنظمة يشجع التفكير على المدى القصير بدلاً من التفكير في العواقب على المدى البعيد فيما يخص تنمية البنية التحتية، وفي كثير من الأحيان يتدهور هذا الوضع بسبب نقص المعلومات ذات النوعية الجيدة وعدم وجود المهارات المتخصصة. وأكدوا أن المعلومات ذات الدرجة الأولى قد تساعد على إبعاد السياسة من تنمية البنية التحتية، حيث إن التشاور الفعال لأصحاب المصلحة المعنيين أمر بالغ الأهمية، سواء كان ذلك في سياق مشروع البناء الجديد أو التخلص من المشاريع القائمة للبنية التحتية. وكلما يكون هناك انفتاح أكثر على المحادثات، وأصعب وأقوى قاعدة الأدلة لدعم العملية، يتحقق توافق أكثر في الآراء بشأن كيفية المضي إلى الأمام. كما أن التشاور فيما بين أصحاب المصلحة يساعد على إبعاد السياسة من تنمية البنية التحتية وزيادة النزاهة والشفافية حين اتخاذ القرار بخصوص مشاريع البنية التحتية. وهذان الأمران اللذان ركز عليهما مسؤولو الحكومات أثناء عملية الاستطلاع. فمن الأسهل الاتفاق على أمر ما مادامت الحقائق واضحة وقابلة للتصديق. وخلصت الدراسة إلى أنه مع انتعاش الاقتصاد العالمي من الأزمة الاقتصادية والمالية للفترة 2008-2009م، لابد من التفكير في الخطوات المقبلة لدعم تطوير البنية التحتية من ضمن برامج التحفيز على الصعيد العالمي. كما أنه على الرغم من الاعتقاد بأن ضخ الأموال التحفيزية من قبل الحكومات خلال العامين الماضيين سوف تساعد في تلبية احتياجات البنية التحتية المتوسطة المدى، فإن هذه الأموال لا تزال أقل بكثير لكي تقدم حلاً دائماً للتحديات الكبيرة على المدى الطويل التي تواجهها تنمية البنية التحتية على الصعيد العالمي. ومن الواضح أيضاً أنه بالنظر إلى محدودية الموارد لدى القطاع العام، فإنه يتعين على العديد من الحكومات والقطاع الخاص تحسين الشراكة فيما بينهم من أجل تقديم البنية التحتية بأكثر فعالية. واعتبرت الدراسة أن السعي الجديد لتعاون أعمق هو نقطة البداية. وهناك العديد من الحكومات التي تواجه الصعوبات في اتخاذ القرارات، حيث تحاول تلك الحكومات موازنة ميزانياتها مع مواصلة استثمارها في مشاريع البنية التحتية. وإعطاء الأولوية لتطوير البنية التحتية أمر بالغ الأهمية للحفاظ على النمو الاقتصادي وتلبية الاحتياجات الناجمة عن النمو السكاني العالمي. وأضاف الفوزان "لا زال هناك عوائق لإنهاء مشاريع البنية التحتية والتي يجب البدء في وضع الحلول اللازمة ومنها تسهيل الإجراءات القانونية التي تلازم مشاريع البنية التحتية ووجوب التنسيق الدائم مع الجهات المتخصصة في القطاع الحكومي والخاص لإنشاء المشاريع الذي يقف أمام تنفيذها، كما يجب على الجهات الحكومية تحفيز تلك المشاريع ودعمها على المدى القريب والبعيد وتأهيل الخبرات العاملة في الجهات الحكومية".