اعتدنا في الوسط الثقافي على أن نحتفي بموتانا وأحيائنا فقط ، كما لو كنا القبيلة الوحيدة التي تحمل العالم على أكتافها ، وقليل جدا منّا من احتفى برجل أو سيدة أعمال ما لم يكن أو تكن على علاقة بالثقافة وأهلها . تذكرت هذا الإقصاء في احتفالات الرياض باليوبيل الذهبي لغرفتها التجارية . والحقيقة أن الكثير من عواصم القرار الاقتصادي في العالم تقيس أعمارها بأعمار غرفها التجارية . الذي يعرف تاريخ مدن المملكة وشوارعها ومؤسساتها ، وهو تاريخ حديث عهد بأمية وتخلف , يعرف أنها قامت على أكتاف هؤلاء الرجال الذين جابوا الصحاري والجبال في الداخل ، وجابوا فعلا عواصم العالم ومطاراته وموانئه وشركاته والتقوا برجال وسيدات أعماله ، في زمن لم يكن معظمهم يعرف القراءة والكتابة ، أو يعرف لغة أخرى ، ورغم هذه الصعاب والمخاطر والمغامرات إلا أنهم بنوا وأنجزوا في هذه الظروف الاستثنائية ما يوجب علينا كمواطنين أن نقول لهم شكرا . هؤلاء هم عصب تاريخنا الحديث ووقوده الذي لايتوقف، يتوارثون التعب والفرح ، يتوارثون الخسائر والأرباح ، ويخطون أسماءهم في كل شارع من شوارع الوطن وقراه ، كما لو كانت مؤسساتهم وشركاتهم كتبا ألفوها أو أعمالا إبداعية سهروا طويلا وسافروا طويلا لإنجازها ورعايتها في ظل منافسة شرسة ولغة لاتقبل المراوغة . في لغتهم ، لا مكان للخطأ ، ولا إمكانية للتراجع أو الاعتذار ، وقتهم كالسيف إن لم يقطعوه قطعهم ، راحتهم على جمر أو أنها خسارة . لنا أن نحتفي بهم ومعهم في عامنا الخمسين وعمرا مديدا لهذا الوطن بكل فئاته .