أنا سيدة في الخمسين من العمر ، مطلقة منذ أن كنت في الثلاثين من العمر و لديّ أربعة أطفال ، وكنتُ أعيش حياة عادية جداً ، و لا أعاني من أي مشاكل مادية أو إجتماعية ولديّ عائلة احتوتني بشكلٍ جميل جداً. اسافر واستمتع بالحياة أنا واطفالي الأربعة الذين يبعثون البهجة و الفرح في حياتي. لا أعلم منذ بضعة أشهر بدأت نفسيتي تتغير ؛ أصبحت أميل إلى العزلة وهذا أمر غريب عليّ ، فأنا اجتماعية من الطراز الأول ودائماً أميل إلى التجمعات والحفلات التي أقيمها أنا شخصياً لقريباتي وصديقاتي ، ولكن لم أعد أشعر بالسعادة ، بل أصبحت أميل إلى تجنّب مثل هذه الحفلات و كان هذا مثار استغراب قريباتي وصديقاتي ، وبدأت أميل أكثر إلى العزلة ، لدرجة أنّني أصبحت أعيش وحيدة ، واعتذر عن كل دعوة لحضور اجتماع أو حفلة. بدأت أشعر بخوف لا أعرف مصدره ؛ خوف شديد من لا شيء.. أصبحت كثيرة القلق على أبنائي ، ما أن يخرجوا من المنزل حتى اتصل أسألهم هل وصولوا المكان الذي يقصدونه وأصبح هذا السلوك يُضايقهم ولكني افعله رغماً عني ، لأني أشعر بخوف شديد عليهم وأعرف بأن هذا الأمر غير مبرر ولم أكن كذلك من قبل ، ولكن تغيّر حالتي النفسية جعلني شديدة الخوف على أبنائي وعلى بقية أفراد عائلتي ، أسأل عن كل واحد من أفراد عائلتي القريبين ، وأخشى أن يصيبهم مكروه. بدأت أشعر بأن الحياة عبء عليّ ، أشعر بأني لا أريد أن أعيش ، وزادت عليّ هذه الأفكار الإكتئابية ، فأصبحت أخاف من السفر بالطائرة ، واختلق الأعذار كي لا أسافر بالطائرة. لي عدة سنوات لم أسافر خارج مدينتي منذ عدة سنوات ، وهذا كان مثار استغراب أهلي و أفراد عائلتي جميعاً ، لأني كنتُ أسافر في كل فرصة تُتاح لي فيها السفر لدرجة أني كنت أذهب مع صديقاتي إلى بعض العواصم الأوربية والعربية في عطلة نهاية الأسبوع! والآن لي سنوات لا استطيع السفر بالطائرة حتى ولو لمسافة قصيرة ولوقتٍ قصير أيضاً. دائماً أشعر بأن شيئاً سيئاً سوف يحدث لي أو لأحد من أبنائي أو أقاربي وهذا يجعلني دائمة القلق ، أصبحت لا أنام إلا بعد أن أتناول حبوبا منّومة ، وبدأ أثر الإرهاق يبدو على جسدي ، فقدت الشهية للأكل و فقدت بضع كيلوغرامات ، فأصبحت هزيلة ، أبدو مريضة بإصفرار وجهي وعدم قدرتي على التركيز أو التواصل مع الآخرين. ذهبت إلى عدة أطباء في مختلف التخصصات و بعد أن نصحوني بالذهاب إلى طبيب نفسي ، وفعلاً ذهبت وأعطاني دواء مضاداً للاكتئاب وتحسنت بصورةٍ بسيطة لكن انتكست بصورةٍ أسوأ ولا أدري ماذا أفعل؟ هل مرّ عليك مرضى مثلي؟ و هل يمكن أن أشفى من هذا المرض إذا كان مرضاً نفسياً؟. ص.خ - سيدتي الفاضلة ؛ أنشر رسالتك الطويلة لأبين بعض الرسائل قد تكون أهم من الأجوبة ، نظراً لما تحوي هذه الرسائل من أعراض لأمراض عضوية أو نفسية أو الاثنين معاً. لا أريد أن أعيد ما ذكرته أنت بالتفصيل في حالتك ، ولكن يبدو أنك تعانين من اضطرابات القلق مع نوبة اكتئاب ، وهو تشخيص معروف جيداً في الطب النفسي. إن لديك رُهابا من السفر بالطائرة و نوبات قلق شديد في الخوف على أن شيئاً سيئا سوف يحدث لكِ أو لأحد أبنائك أو أحد اقاربك المقربين وهذا من أهم صفات القلق. فقدان الشهية وفقدان الوزن والعزلة الاجتماعية التي ليست من طبيعتك قبل أن تُصابين بهذا المرض النفسي الذي جعلك تنعزلين اجتماعياً بعد أن كنت سيدة اجتماعية تقيم الحفلات وتحضر الحفلات وابتعدتِ عن السفر بعد أن كنتِ تسافرين إلى عواصم عربية أو غربية في أيام عطلة الأسبوع. لك عدة سنوات لم تسافري ولم تركبي طائرة بسبب خوفك ورُهابك الذي حرمك من أشياء كثيرة. في هذه الحالة و نظراً لأن المرض أصبح متمكناً منك فإنه من الأفضل أن تدخلي المستشفى لبضعة أيام للعلاج والبعد عن الأجواء التي تعيشينها. بالنسبة هل مرّ عليّ مرضى مثل حالتك ، فالإجابة نعم ، هناك مرضى مثلك مروا عليّ وعلى الكثير من الزملاء وبعضهم تحسّن بشكلٍ كبير وعاد إلى حياته الطبيعية ، وبعضهم يتقلب بين التحسّن الجيد والانتكاسة مرةً آخرى. عليك أن تتوكلي على الله وتطلبي العلاج وإن شاء الله يكتب الصحة والعافية فهو الشافي، المعافى وما الأطباء والأدوية سوى وسائل يسخرها الله لشفاء البشر.